للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنصوصُ عليهِ بالنهي، وهوَ الأكثر من الأذايا.

والدلالةُ على هذا الأصلِ: أنَّ العربَ وضعت هذا نصاً مختصراً، فإذا أرادتِ استئصالَ الأذايا بالنهي، قالتْ: لاتقلْ لفلانِ أف، ولا تأخذْ منْ مالِهِ ذرَّةً، فيكونُ أخصَّ نصّاً منْ قولِهِ: لاتظلمْهُ بدينارٍ، ولا قنطارٍ، ولا بذرةٍ، وأخصرَ مِنْ قولِه: لاتشتمْه، ولاتسبَّه، فإنَّ هذا اليسيرَ المنبَّه به بعضُ ذاك الكثيرِ المنبَّهِ عليه.

فصل

قالوا: إنَّ التنبيهَ معقولٌ ومعنى وقياس، بدليلِ أنه يفهمُ منَ النهي عنِ التأفيفِ النهيُ عنْ أدنى الأذايا، لكونِه أذى، فإذا عُلِمَ أنهُ نهى عنْهُ؛ لأنه أذىً، وهو أذىً يسير، نَبَّهَ بذلكَ على النهي عنِ الأذى الذي هو أوفى، فإذا كانَ الأكثرُ مأخوذاً من هذا المنصوصِ عليه، وهو الأقلُّ، ثمَّ نُسخَ الأصلُ المستفادُ منه النهيُ، ارتفعَ (١) المستفادُ المأخوذُ، كما لو نصَّ على أَعْيان في منع (٢) التفاضلِ، فعقلنا من ذلكَ النهي عِلته، كطعمٍ، أو قوتٍ، أو كيلٍ، فعدَّينا الحكمَ إلى الفروع غير (٣) المنصوصِ عليها، ثم نسِخَ الحكمُ في الأصولِ المنصوصِ عليها، فإنه يرتفُع الحكمُ في الفروع، كذلكَ ها هنا.

فيقالُ: قدْ مَنَعْنا هذا الأصلَ، وبَيَّنا أنَّه ليس من القياسِ في شيءٍ، ثمَّ لو دَخَلْنا على هذا، لم يكنْ صحيحاً أيْضاً؛ لأنَّ النهيَ عن اليسير نهي عنِ


(١) في الأصل: "وارتفع".
(٢) في الأصل: "صيع".
(٣) في الأصل: "عن".

<<  <  ج: ص:  >  >>