للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخصُّها، أو قولٍ منْ جهةِ النبيِّ المخبرِ بها في غيرِه، أو لمحضرٍ (١) منْ عددٍ لايجوزُ عليهم التواطؤ على الكذبِ، فأمَّا في مسألتِنا، فإنهُ يتعذرُ ذلك، كما يتعذَّرُ النقلُ لكلامِ النبيِّ فى مختلف (٢) الأحكامِ، فإنَّ في الحوادثِ كَثْرةً، وكلامُ النبيِّ فيها لايسمعُه إلا مَنْ يكونُ بمحضرٍ منْهُ، ولهذا عفا (٣) النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عنِ اعتبارِ التواترِ في الخبرِ عنْهُ إلى خبرِ الواحدِ عنْهُ، وهوَ في المدينةِ يقدرُ آحادُ الصَّحابةِ على سماع كلامِهِ في القضيةِ، ومعَ ذلكَ سَمع بعضُهمْ عنْ بعضٍ عنْهُ، ولا النبىُّ أنكرَ، ولاهُم استظهرُوا، فالواحدُ ينادي: ألاَ إنَّ القبلةَ قد حُوِّلَتْ، والآخرُ يقولُ في نسخ الكلامِ في الصَّلاةِ: إنَّ الله يحدثُ مِنْ أمرِهِ ما يشاءُ، وممَّا أحدثَ أنْ لا يتكلّمَ في الصَّلاة، ولا أحدَ منهمْ سألَهُ، فقالَ: إنَّ فلاناً يحكي عنكَ كذا، فهوَ كما قال؛ ولا النبيُّ أنكر سماعَ (٤) ذلك عنْهُ منَ الآحادِ، بلْ عرضَهم لذلكَ؛ حيثُ أنفذَ بآحادٍ منَ الصَّحابةِ إِلى البلادِ حتى إنَّ معاذاً يقولُ: أجتهدُ رأيي، فأقرَّه وصوَّبهُ، ولم يقلْ: وأيُّ رأيٍ لكَ معَ وجودي، وقدرتكَ على سماع قولي المقطوع (٥) بهِ؟! وما كانتْ تلكَ المسامحةُ إلا لأنَّ اشتراطَ عددِ التواترِ في نقلِ أحكامِه وقضاياهُ يُوقِفُ (٦) أَكثرَ الشريعةِ، ولم يَقُلْ باعتبارِ معصومٍ عنْ


(١) في الأصل:" لمحض".
(٢) في الأصل: "مبدد".
(٣) في الأصل: لاعنا".
(٤) خرم في الأصل.
(٥) في الأصل: "المطوع".
(٦) في الأصل: "يوقت".

<<  <  ج: ص:  >  >>