للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد أُخِذَ بالسَنَّةِ في نسخ الكتابِ، وإن كانت آحاداً.

وهذا عندي لاتثبت منه رواية تُعْطِي نسخَ القرآن بالسَنَّة حتى يتقرَّرَ شروطُ النسخِ فيه، وليس مَعَنا أن القومَ كانوا استقبلوا بيتَ المقدسِ بقرآنٍ؛ لأنه ليس معنا قرآن نتلوه في ذلك، وإنما غايةُ ما فيه أنها كانت قبلةً بدليل قطْعٍ، وهو أمرُ الرَّسولِ لهم بذلك، واستقبالُه لها على الدَّوام، وما نعرفُ أحداً قال بأن القرآنَ يُنسَخُ حكمُه بخبر واحدٍ (١)، ولا خبَرَ التواترِ القَطْعِيَّ بخبر الواحدِ، فيصيرُ خبرُ أهلِ قُباء يحتاجُ إلى أويل يُخْرِجُه عن ظاهره، ولا في إباحة الخمرِ تلاوة.

فصل

والمنصوصُ عن صاحبنا أحمد -رضي الله عنه- أن من شَرْطِ نسخِ القرآنِ أن يكونَ بقرآن، ولا يجوزُ بالسَنَّةِ، قال وقد سُئِلَ: هل تَنسخُ السّنَّةُ القرآنَ؟ قال: لا، لا يَنسخُ القرآنَ إلا قرآن يَجيءُ بعدَه، والسنَّة تُفَسِّرُ القرآنَ (٢).


سالوا عنها، ولا راجعوها بعد الخبر.
(١) بل نقل المصنف الخلاف فيه عن أهل الظاهر فيما سيأتي له في مباحث النسخ، وهو مقرر في "الِإحكام" لابن حزم ٤/ ١٠٧.
وعزاه شيخ الإسلام ابن تيمية مذهباً لابن عقيل نفسه، حيث قال في "المسودة" ص ٢٠٣: وحكى ابن عقيل في "الفنون" عمن قال: "إن خبر الواحد والقياس يجوز أن ينسخ حكم القرآن": وقرر حنبلي ذلك. أظنه نفسه.
(٢) ذكر هذه الرواية أبو يعلى في "العدة" ٣/ ٧٨٨ - ٧٨٩، واختار أبو الخطاب في "التمهيد" ٢/ ٣٦٩ جواز نسخ القرآن بالسنة المتواترة، وحكاه رواية عن أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>