للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وكذلك فلا اعتبارَ بقول من قال: من شرطهما أن تكونَ أحكامُهما ثابتةً بنصِّ الخطابين وظاهرِهما دون لَحْنِهما وفحواهما، أو دليلٍ دالٍّ على تَكْرارِ العبادةِ المنسوخةِ ودوامِها، وقد يكونان (١) كذلك، ويكونان بخلاف هذه الصِّفةِ، إذا عُلِمَ ثبوت حكمِ المنسوخِ من الخطاب بأيِّ وجهٍ كان، من ظاهرٍ ونصٍّ وفحْوىً ودليلِ تكرارٍ، وأكثرُ العباداتِ المنسوخةِ لم يثبتْ دوامُ حكمِها بنصٍّ، بل بدلائلَ تدلُّ على التَّكرار.

فصل

وكذلك إذا ثبتَ حكمُ الناسخِ، وكان منافياً لحكم المنسوخِ، وجبَ كوُنه ناسخاً له، وإن لم يَثْبُتْ ذلك بلفظه؛ ولهذا قال الناسُ: إن آياتِ المواريثِ (٢) نَسَخَتْ آيةَ الوصيةِ للوالدَيْنِ والأقربين (٣)، وإن لم يتنافَ حكماهما من جهة اللفظ؛ لأنه كان يَصِح أن يأخذَ الوالدان بالوصيةِ والميراث جميعاً؛ ولذلك بَيَّنَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم: أن آيةَ المواريثِ قد نَسخَت ما قبلها بقوله صلى الله عليه وسلم "ان اللهَ قد أعطى كُل ذي حَقٍّ حَقَه، فلا وصيةَ لوارث" (٤)، وأمثالُ هذا كثير.


(١) في الأصل: "يكونا" والجادة ما أثبتناه.
(٢) الآيتان (١١ و١٢) من سورة النساء.
(٣) الأية (١٨٠) من سورة البقرة.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة ١١/ ٤٩١، وأحمد ٥/ ٢٦٧، وأبو داود (٢٨٧٠) و (٣٥٦٥)، وابن ماجه (٢٧١٣)، والترمذي (٢١٢٠)، والبيهقي ٦/ ٢٦٤ من حديث أبي أمامة الباهلي. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وفي الباب عن عمرو بن خارجة؛ وأنس بن مالك، وابن عباس، =

<<  <  ج: ص:  >  >>