للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

فأما نسخُ الواجبِ إلى الواجب، فعلى ضَرْبَيْن (١):

نسخ واجبِ معينٍ إلى مثله في الإِيجاب والتَعيين، كنسخ الاتِّجاهِ إلى بيت المقدسِ إلى الاتَجاهِ نحْوَ الكعبةِ.

ونسخ واجب موسَّعٍ بالتَّخيير إلى واجب مضيقٍ بالتَعْيينِ، كالصِّيام، كان المُطِيقُ القادرُ عليه في صَدْر الإِسلامِ مخيراً بين الصِّيام والفِدْيَةِ طعام مسكينٍ مع الإِفطارِ، فقالَ سبحانه: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤]،، ثم نُسِخَ إلى الصَّوم حَتْماً وتعييناً من غير تخييرٍ، مع الإِقامةِ والصِّحَّةِ بقوله تعالى: {فمن شَهِدَ منكم الشَهْرَ فَلْيَصُمْه}، وتقديرُه: شَهدَ منكم الشَّهْرَ صحيحاً مقيماً {فَلْيَصُمْه}، بدليل قولِه: {ومن كان (٢) مريضاً أو على سَفَرٍ فَعِدَةٌ من أيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٥]، والمرضُ والسَّفرُ لا يُعْدِمانِ شهادةَ الشَهْرِ، لكنْ يُعْدِمانِ صفتَيْنِ في الشَّخص: الإِقامةَ والصِّحَّةَ، فثبتَ التَّقييدُ في الإِبدالِ، وهو (٣) نوعُ توسعةٍ مع العُذْرِ، بعدَ أن كان التًخييرُ مع الصِّحةِ والإِقامةِ توسعةً مع عَدَمِ العُذْرِ.

فصل

وأما نسخُ الواجب إلى المُباحِ: كالصَّدقةِ عند مناجاةِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {وإذا ناجَيْتُمَ الرًسولَ فقَدً موا بينَ يَدَيْ نجواكم صدقةً}


(١) انظر "العدة" ٣/ ٧٨٣ - ٧٨٤.
(٢) في الأصل زيادة: "منكم" بعد "كان".
(٣) في الأصل: "وهي".

<<  <  ج: ص:  >  >>