للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّانعِ تعالى، وأنه على ما يجبُ كونُه عليه من صفاته الواجبةِ له، وأنه يتعبَّدُ بالشَّرائع على ألْسِنَةِ رسلِه عليهم السَّلام، وأن يعرفَ كونَ الرسولِ رسولًا له تعالى بما دَلَّ على صدقه من معجزاته، ولا يصحُ له ذلك إلا بعد النَظَرِ في معجزاته، وأن يعرفَ وجهَ كونِها دلالةً على صدقه، ولا يصحُّ منه العلمُ بذلك أجمعَ حتى يكونَ عارفاً بالأدلَّةِ ونَصْبِها، ووجوبِ بناءِ النَّظرِ فيها بعضِه على بعض، وبناءِ العلوم الحاصلةِ عندَه، ومتى لم يَكْمُلْ بذلك ويتقدَّمْ علمُه، لم يصلْ إلى العلم بالله وبصدق رسلِه، وأنه تعالى متعبِّدٌ بهذه الأحكام؛ إذ كان تعبده بهذه الأحكام فرعاً على ما ذكرناه من الأصول وأدلتِهَا، ولهذه الأصولِ شروحٌ لا يصَلُ إلى معرفتها إلَّا من اطلَعَ في أصول الدِّياناتِ.

فصل

ثم يجبُ بعدَ ذلك أن يكونَ عارفاً باحكام الخطابِ، ومواقع الكلامِ ومواردِه، ومصادرِه، ومحتمِلِه وغيرِ محتمِلِه، ووجوهِ احتمالاتِه، وخاصَهِ وعامَّه، ومجمَله ومفسرهِ، ومحكمِه ومتشابِهِهِ، وحقيقتِه ومجازِه، ومطلَقِه ومقيده، ومَكْنِيِّه وصريحِه، وفَحْواهُ ولَحْنِه، ودليلِه، والفرقِ بين ذلك وغيرِ ذلك مما قد بَينَاه وشَرَحْناه في فصول البيانِ وأحكام الخطاب من هذا الكتاب، وإنَّما اعْتَبَرْنا ذلك في حقَه؛ لأنه بمعرفةَ ذلك يتمَكَنُ من معرفة المَرادِ بالخطابِ في الكتاب والسنَّةِ، ومَنْ قَصرَ عن ذلك، لم يَصِلْ إلى معرفته.

واعلم أنه لن ينالَ عِلْمَ ذلك حتى يحفظَ من اللُّغة والنَحْو والِإعرابِ، ما يتعلقُ بمعاني الآي، والسُّننِ المتضمِّنةِ للأحكام.

<<  <  ج: ص:  >  >>