للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشتدَّاً أو مسكراً. كان قولاً صحيحاً وشهادةً صحيحةً.

وهذا بعينه الذي يُسَمِّيهِ الفقهاءُ: التأثيرَ وعدَمَ التأثيرِ، فالذي له شهادةٌ بلغة الأصوليين هو الذي له تأثيرٌ بلغة الفقهاءِ، والذي لا شهادةَ له هو الذي يقول الفقهاءُ: لا تأثيرَ له، ويقولُ الخراسانِيُّونَ: لا إخالةَ (١) له.

فصل

وكل حُجَّةٍ فهي بمنزلة الناطقةِ بأن الحكمَ حقٌّ أو باطلٌ من حيثُ يجد العاقل معنى النُّطقِ في نفسِه عند خُطورِ المعنى على قلبه، والاعتمادُ على معنى النُطقِ لا على النُّطقِ، وإنما يجد العاقل كأَنَّ مخاطِباً يخاطبُه بأن المذهبَ صحيحٌ أو فاسدٌ؛ للاعتماد على ما يجدُه من معنى الخِطابِ، لا على نفْسِ الخِطابِ.

والحجَّةُ والدَّلالةُ والآيةُ والعلامةُ نظائرُ، وكذلك الدَّليل والبرهانُ، ينوبُ بعضُها مَنابَ بعضٍ في أكثر المواضعِ.

والأصلُ في الدَّالُ إنما هو المظهِرُ للدَّلالةِ، وكذلك الدَّليلُ على مذهب المتكلِّمين، وهو عندنا: المرشِدُ إلى المطلوب -وهو المدلولُ-.

وإنما سُمِّيَتِ الدَّلالةُ دليلاً من حيث إنَّها كالناطقة في الحكم بالصِّحَّةِ أو بالفسادِ.


(١) الِإخالة: هي المناسبة، وسميت إخالة؛ لأن الناظر إليها يخال -أي: يظن- أنها علة. انظر "إرشاد الفحول": ٢١٤، ومختصر ابن الحاجب ٢/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>