للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجةُ فإنما هو لتنوُّع المذهب، لأَنه قد تكَونُ حجةٌ واحدةٌ على مذهبين مختلفين غيرِ متناقَضين، وقَد تكونُ حُجَّتان على مذهبِ واحدٍ.

مثالُ ذلك: كالحجةِ على أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - صادقٌ في كلًّ ما أتَى به، هو الححةُ على أنه وَليُّ اللهِ؛ لأن المعجزةَ دَلتْ على ذلك؛ من حيثُ دلت على تعظيمِه، وتفخيمِ شأنِه، وإبانةِ الله عز وجل له بذلك عن غيره.

وقد تقوم الحجةُ وتُبينُ على نفي التشبيهِ من طريق العقلِ، وقد يَبِينُ ذلك من طريق السَمعِ.

فأمَّا الحجةُ على التَوحيدِ، فهي غيرُ الحجةِ على نفي الجَبْرِ (١) والتَشْبيهِ (٢)؛ لأنه قد يصلُ الِإنسان إلى علمِ التَّوحيدِ بالحجةِ المُنْبئَةِ عن ذلك والبَيِّنةِ عليه وهو لا يعلم نفيَ الجَبْرِ والتَشبيهِ، بل يعتقدُ أنه واحدٌ


(١) الجبر: هو نفي الفعل حقيقة عن العبد، وإضافته إلى الله تعالى؛ فلا فعل ولا عمل لأحد في الحقيقة إلا لله وحده، والعبد مجبر ومضطر الى الأعمال.
وأصحاب هذا المذهب يسمون جَبْرِية، وهم صنفان:
جبرية خالصة: وهي التي لا تثبت للعبد فعلًا، ولا قدرة على الفعل أصلًا.
وجبرية متوسطة: وهي التي تثبت للعبد قدرة غير مؤثرة أصلًا. انظر "مقالات الإِسلاميين" ص ٢٧٩ - ٢٨٧، و"الفرق بين الفرق" ص ٢١١ - ٢١٥، و"الملل والنحل" ٢/ ٨٥ - ٩١.
(٢) التشبيه: هو تشبيه ذات الباري سبحانه بذات كيره، أو صفاته بصفات غيره.
ويسمى القائلون به: مشبِّهةً أو مجسمةً، وهم أصناف شتى. انظر في ذلك "مقالات الإسلاميين" ص ٢٠٧ - ٢١٨، و"الفرق بين الفرق" ص ٢٢٥ - ٢٣٠، و"الملل والنحل" ١/ ١٠٣ - ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>