للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشبه أو واحدٌ يُجبرُ، فيعلمُ أحدَ الشَّيئين، ويَجهلُ الأخرَ.

وكلُّ نوعٍ من أنواعِ الحجةِ يخالِفُ الآخرَ، فإنه لا يجوزُ أن يُناقِضَه وإن خالَفه، كما أن العلومَ تختلفُ ولا تتناقضُ، وكذلك الحججُ تختلفُ ولا تتناقضُ، وكذلك أنواعُ المذاهب التي تظهرُ عن الحجةِ.

وفي الجملةِ: إن الحجةَ تَنَوَّعُ بتعليقِها بالمذهبِ؛ لأنه إذا قيل: ما الحجةُ على صحةِ الاجتهادِ؛ اقتضى غيرَ ما يقتضي: ما الحجةُ على صحةِ الإِجماعِ؟ وإذا قيل في النبيِّ: ما الحجةُ على النبوَّةِ؟ اقتضى ما يقتضي: ما الحجةُ على أنه وليُّ اللهِ؟ وهو ما يُرَدُّ إليه من شبهادةِ المعجزةِ التي جعلَها اللهُ تعالى عَلَماً ودَلالةً.

فصل

في مُصادَرَةِ الحُجَّةِ في الصِّناعةِ

اعلم أن مُصادرَةَ الحجَّةِ في الصناعة هي المقدِّماتُ التي تُوجدُ مسلَّمةً من الخصم ليُبنى عليها ما بعدها، وكلُّ صناعةٍ فإنها لا تخلو من ذلك إلا صناعةَ الكلام، فإن مصادراتِها تُسلِّمُ الأوائلَ في العقل ليُبنى عليه ما بعده، وهذا يدُلُّ على ثبوتِ صناعةِ الكلام على كلِّ صناعةٍ، فللهندسةِ مصادرةٌ تُؤخذُ من صناعةٍ من فوقِها، وكذلك لعلم الفقهِ مصادرةٌ تُؤخذُ من صنعةٍ فوقَها، وكذلك علمُ النَحْوِ وغيرُه من سائرِ العلومِ على ما بَيَّنَّا، فالمصادرةُ إذاً تُسلمُ ما يُبنى عليه ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>