للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدلُّ على فساده أيضاً: أنَا نجدُ الجسمَ موصوفاً بجميع صفاتِه وأفعالِه إلا الحركةَ، فلا شيءَ من أوصافِه أوجبَ له التحركَ إذاً، ولا نجدُ الحركةَ فيه إلا وهو متحركٌ.

ومما يوضحُه أيضاً: أنًا نجدُ ضدً الحركةِ -وهو السكونُ- مع التأليفِ، ولا نجدُ السكونَ مع قيامِ الحركةِ به.

ولو كان كوُنه متحركاً إنما كان معلولًا بأمرين: قيام الحركةِ والتَّأليفِ، لوجبَ أن لا يزولَ المعلولُ إلا بزوالِ الأمرين؛ لأنَ الحكمَ إذا لم يَقَعْ إلا بأمرين، لم يرتفعْ إلا بارتفاعِهما، فلما وجَدْنا أن تحركَه يزولُ بزوالِ الحركةِ فقط، علمنا أنه إنما وُجِدَ بوجودها فقط.

ثم يقال لمن اعتل بمثل هذا الاعتلالِ: لِمَ اقتصرتَ على هاتين العلًتين دون أن تُضيفَ إليهما ثالثةً؛ فتاقولَ: إنما تحركَ الجسمُ لوجودِه، وتاليفهِ، وقيام الحركةِ به؟

فلا جوابَ له إلا وهَو المفسدُ لتعليله بالتأليفِ؛ لأن غايةَ ما يقولُ: إنما لم اعتَل بالوجودِ لأنه لا أثرَ للوجودِ في إثباتِ التحركِ، فكم موجودٍ لا يتحركُ، ولا شيءَ تقومُ به الحركةُ إلا وهو متحرَّكٌ.

فيقال له: فكذلك التأليفُ قد ثبتَ لجسمٍ لا يتحركُ، ولا جسمَ يتحركُ إلا وفيه حركة، فصار ذكرُ التأليفِ خِلْواً من تأثيرِ المعلولِ كالوجود سواءً، هذا الذي يُسميه الفقهاءُ: عَدَم التأثيرِ والحَشْوَ.

فإن قال قائل: أليس (١) إذا لم يوجدِ التحركُ عند التأليفِ، ووُجِدَ


(١) في الأصل: "ليس".

<<  <  ج: ص:  >  >>