للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهذا أن الكُرَّ فيها ليس بعلَّةٍ لغرقِها، وأن كونَ القَفيزِ فيها وهي حاملةٌ للكُرِّ هو المغرِقُ لها، كما أن الضَربةَ الخفيفةَ هي علةُ الألم إذا كان البَدَنُ عليلاً أو بدَنَ طفلٍ في المهْد، ولو كان صحيحاً كبيراً لَم تُؤلِمْه ولا مثلُها، وإحدُ الحَمْلَيْن لم يكنْ موجوداً قَط في حال عدم ارتفاع السَّاجَةِ، فيكونُ الحَمْلُ الثاني هو الذي به ارتفَعَتْ، وليسَ يوجدُ أحدُهما إن كان علَّةً له دونَ الآخَرِ، فمتى وُجِدا وُجِدَ، وإن عُدِما عُدِمَ، وليس يوجدُ (١) مع وجودِ أحدِهما، ولكنْ بوجودِهما، وبمثلِ هذا يُفْرَقُ بينه وبين (٢) الرِّيِّ والشِّبَعِ والتُخَمَةِ والسُّكرِ.

فإن سألت المعتزلة عن الإِيمان فقالت: هو يَثبتُ بأشياءَ يزولُ بزوالِ بعضِها. فليس هذا هو عندنا نحن هكذا، نحن نقول: إنه لا يزولُ الِإيمان بمخالفةِ شيءٍ من الأوامرِ ولا بارتكاب مَنْهِيٍّ من المناهي على الصحيح عندي من المذاهب، بل يكونُ مؤمناً بإيمانه، وهو المعنى الذي أَشَرْتُ إليه وهو التَصديقُ ناقصٌ الشُّعَبَ بما ارتكبَ من منهيٍّ أو خالفَ من أمرٍ، ولا يُوجَدُ إلا بوجوده، وكذلك البِرُّ والتَقْوى، فأما العدالةُ فإنها خارجةٌ لكونها تسميةً لمجموعٍ، فهي كاسم العَشَرَةِ وكلِّ جملةٍ من جمل الأعدادِ، فلا عدالَة مع وجود كبيرةٍ، وإن كثُرَتِ الطاعاتُ وحصلَ اجتنابُ المنهياتِ سوى تلك الكبيرةِ، والله أعلمُ.

فصل

في مسائلَ تشتبهُ في هذا الباب، ويَكثرُ التخليطُ فيها بين الفقهاءِ


(١) في الأصل: "يعدم".
(٢) في الأصل: "بين".

<<  <  ج: ص:  >  >>