للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه فسادُ السؤالِ والجوابِ، والمجيب مُدَّعٍ لاشتباهِهما، وموقعُه موقعُ المطالَبِ.

وللسائلِ أن يقولَ له: ولِمَ زَعَمْتَ أن في جوازِ كذا جوازَ كذا، وأنا مخالفٌ لك في ذلك؛ وهل هذا إلا تَحكُمٌ منك عَلَيَّ مجردٌ من البرهانِ؟

فإن قال المجيبُ: لأنه لا فرقَ بينهما. كان للسائلِ أن يقولَ: دعواك لعدمِ الفرق كدعواك للجمعِ، وخلافي لك في هذه الدعوى الثانيةِ كخلافي لك في الدعوى الاولى؛ لأنها نفى لفرق هو عندي ثابتٌ، وسواءٌ على نفيتَ ما اخالفُك في نفيه، أو أثبَتَ ما أُخالفُك في إثباتِه، والأمرُ واحدٌ، ولي في ذلك مطالبتُكَ بالبَينَةِ على ما تَدَعِيه منه، فما الدليلُ على صحةِ نفيِك لهذا القولِ إن كنت مخالفاً لك فيها؟

فإن قال: لست أَجدُ بينهما فصلًا.

فللسائلِ أن يقولَ له: ليس كلُّ ما لم تَجِدْه يكونُ باطلًا، ولو كان هذا هكذا كانت علامةً لصحةِ وجودِك إيَّاها، فكانت على حقيقةٍ داخلةٍ في علَّتِك، فما يُدرِيك لعل غيرَك قد وجَدَه، ولعله صحيحٌ وإن لم تَجِدْه، وبعد: فهل تَدَّعي فسادَه مع قولِك: إني لم أجِدْه؟ فإن قلت: نعم، فما دليلُك على صحةِ ادَعائِك لذلك؟

فإن قال: لو جازَ أن يكونَ بينهما فصلٌ قد غاب عني، جاز أن يكونَ بين الحركةِ والسكونِ فصلٌ في أنهما عَرَضان إلا أنهما قد غابا عني، فقد جَوَّزَ مثلَ تلك الدعوى بعينِها.

<<  <  ج: ص:  >  >>