للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجعَ الكلامُ إلى الجوابِ عن المعارضات المنثورةِ.

قلنا: فعلى المجيب إذا عُورِضَ بمثلِ ما وصَفْنا أن يقولَ لمعارضِه الذي قال له: لمَ قلت؟: وما أَشرْتَ أو أَمرْتَ بالتمثيلِ بينه وبين ما عارضْتَ به ذَيْتَ وذَيْتَ (١)، والذي عارضْتَ به كان من هذه العلَّةِ، فلو كان القولُ به واجباً لم يكنْ ليجبَ من حيث وجبَ، فإن أنت كشفْتَ التمثيلَ بينه وبينه لنعرفَه من علَتِه، ولأن القولين إنما يتشاكلان في النَّفسِ والصُورةِ والعلَّةِ، وليست (٢) صورةُ هذين ولا عللُهما وأنفسُهما متشاكلةً، فهذا هو الذي يمنعني من القولِ به كما قلتَ، فالذي مَثلْتَ بينه وبينه: فإن كنتَ تراه واجباً لمشاكلتِه لشيءٍ مما أجَبْتَناهُ عن هذا، فأرِنا مشاكلتَه إياه حتى نُلحِقَه به، فلسنا نأبى إلحاقَ الشيءِ بمثلِه، وإن كنتَ ترى ترْكَنا له ورَغْبَتَنا عنه باطلًا لقيامِ بعضِ الدَلالةِ على صحَّتِه، ووجوبِ القولِ به، أن تنالَ خلافَ ذلك بإقامةِ الدليلِ على فسادِه وعلى صحةِ رَغْبَتِنا عنه، إلا أن تنشَطَ لتَرْكِ سؤالِك والأخذِ في الجوابِ، فنسألَك عما ادَعَيْتَ له.

واعلم أنه ليس كلُّ حقيقتَيْنِ تتفقان في العلَّةِ، فيجبُ قياسُ إحداهما على الأخرى (٣)، فلو قال لك قائلٌ: إذا زعمْتَ أن موسى رسولُ اللهِ، فهلَّا زعمْتَ أن الحركةَ جسم؟ أو: فلِمَ لم تَقُلْ: إن الحركةَ لا تُرى كما قلتَ: إن محمداً رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كان واضعاً


(١) يقال: كان من الأمر ذَيْتَ وذَيْتَ، بمعنى: كيْتَ وكَيْتَ. "اللسان" (ذيت).
(٢) في الأصل: "ليست".
(٣) كانت في الأصل: "احداهما على الآخرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>