للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا سُئِلْتَ عن شيءٍ أصلُه فرعٌ من علوم الاستدلالِ، فعلومُ الاستدلالِ يجوزُ فيها الاختلافُ، فليس يَبعدُ أنَ يكونَ سائلُك منكِراً لأصلِه، ولا يجوزُ لك أن تَدُل على المختلَفِ فيه بالمختلَفِ فيه؛ لأن الذي أحوجَ أحدَهما إلى الدَّلالةِ هو الاختلافُ فيه، وهذا بعينِه قائم في الاَخَر، فلو اسْتَغْنى بعضُ ما يُختلَفُ فيه عن الدليلِ؛ لاسْتَغْنى عنه جميعُه، كَما أنه لو احتاجَ بعضُ المتَّفَقِ عليه إلى الدليلِ؛ لاحتاجَ إليه جميعه.

ومن المختلَفِ فيه ما يكونُ حقاً، فيكونُ البناءُ عليه محكَماً؛ لأنه لا يمنعُه من ذلك أنه لم يقَعْ بحِس، وذلك أن خروجَه عن الحِسَ لم يُبطِلْه، والصحيحُ لا يُثمِرُ إلا صحيحاً، فإذا كان له وجهُ دَلالةٍ، كانت صحيحةً.

وإنما بانَتْ علومُ الحسِّ وفَضَلَتْ (١) غيرَها بقوً تِها، وبانها الأولُ الذي يُجعَلُ البناءُ عليه؛ لأنها هي التي يُبنى عليها دون غيرِها، ومن علومِ الحسِّ ما بعضُه أقوى من بعض، وليس يَجِبُ من ذلك أن يكونَ البناءُ على القويِّ دونَ غيرِه، ولكن الوجهُ في جوابِه: أن يقال له: إن (٢ للذي سألتَ عنه أصلاً ٢) هو قبلَه، وبه استدلَلْتُ عليه


(١) في الأصل:"فعلت".
(٢ - ٢) في الأصل: (الذي سألت عنه أصل).

<<  <  ج: ص:  >  >>