للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في الاستدلالِ بالأصلِ على الفرعِ

اعلم أن الاستدلالَ بالأصل على الفرعِ يكونُ على وجهين:

أحدهما: تصحيحُ الفرعِ بالأصلِ.

والآخرُ: نقضُ [الأصلِ] (١) بما يشهدُ به من الفرعِ الفاسدِ. وهذا الوجه الثاني إنما يكون في إلزام المُبطِلينَ على أصولهم بما يَدُلُّ على بطلانها، وسواءٌ كان الأصل أولًاَ أو ثانياً في أنه إذا شهدَ بمعنىً، فذلك المعنى فرعٌ له.

فالمعجزةُ تشهدُ بالنُّبوَّةِ، إذ كانت تَدُل على الخلافةِ، والمُعجزةُ أصلٌ يَدُل عَلى أنها حقٌّ في نفسِها، وهو حِكمَةُ الفاعلِ لها، والدَّال بها هو الله عزَّ وجل، ولو لم يَثبُتْ أنها حق في نفسِها، لم يُلتفَتْ إلى شهادتِها.

فأمَّا أصلُ نُفاةِ الأعراضِ (٢) من أنه لا حركةَ ولا سكونَ ولا اجتماعَ ولا (٣) افتراق على الحقيقةِ، فيشهدُ بأنه لا يصحُّ أن يتحَركَ شيءٌ بعد أن كان ساكناً، ولا يجتمعَ شيءٌ بعد أن كان مُفترِقاً، لأنه في كلا (٤) الحالين موجودٌ غيرُ حادثٍ، ولا حَدَثَ شيءٌ لأجله صار على تلك الصِّفةِ بعد أن لم يَكُنْ عليها، فيجبُ أن يكونَ على ما كان، ففرعُ


(١) ليست في الأصل.
(٢) انظر "الفصل في الملل والأهواء والنحل" ٥/ ٦٦ وما بعدها.
(٣) في الأصل: "والا".
(٤) في الأصل: "كلى".

<<  <  ج: ص:  >  >>