للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن (١) أصولِ هذه الأبوابِ العظامِ أنهم إنما جعلوا الشيءَ مُتحركاً لأن فيه حركةً، فأوجبوا لذلك أن يكونَ كلًّ ما فيه الحركةُ متحرّكّاً، لأنهم لم يجدوا الحركةَ فيه قَطًّ إلا وهو متحرِّكٌ، ولم يجدوه مُتحرِّكاً إلا وفيه الحركةُ، ولأنهم رأوا وصفَ لفظِه في العقلِ على حقيقةٍ يُستيقَنُ (٢) منها، وذاك أن عَقْدَك على أنه مُتحرِّكٌ هو كقولِك: هو مُتحرِّكٌ، لأنك اعتقَدْتَه من جهتِها كما وصفنا من جهتِها ولفظِها، وهذا يوجبُ أن يكونَ كلُّ متحرِّكٍ إذاً لحركةٍ فيه، لأنهم لم يجدوا مُتحرِّكاً قَطًّ إلا بحركةٍ، وقد وجدوا مُتحرِّكاً بغيرِها أو بنفسِه مُحالَاً، كما وجدوا قيامَ الحركةِ بنفسِها (٣ ووجودَها فيما ليس بمُتحركٍ ٣) مُحالًا، وإلا فلِمَ قَضَوْا بأن من فيه الحركةُ مُتحرِّكٌ، وما أنكروا من وجودِ حركةٍ تُخالِفُ الحركاتِ في هذا الباب، إذ قد جاز وجودُ متحرِّكٍ يخالفُ المتحرِّكِينَ، فمهما استشهدوا به فيَ الحركاتِ (٤)، رجعَ عليهم في المتحرِّكينَ.


(١) ورد قبل هذا في الأصل: "واعلم أنه من نفى شيئاً فادعى أنه نفاه بدليل ظاهر وحجة واضحة يمكن غيره معرفة إنكاره". وهو مقحم هنا، وسيرد في مكانه الصحيح في ألفصل القادم.
(٢) كتبت في الأصل "يستقان".
(٣ - ٣) هذه العبارة مكررة في الأصل.
(٤) في الأصل: "الحركتين"، ولعل الصواب ما أثبتناه في المتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>