للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخَطِّ الواضحِ البَيَّنِ الجليلِ، وكالصَّوتِ الضعيفِ، والصَوتِ الشَديدِ.

وإذا ادَّعى الخصمُ في شيء من الأشياء أنه أولى، فلا يخلو أن يكونَ على حُجةٍ، أو شبهةٍ، أوشَغبٍ:

فإن كان على حجة: فالتأمُّلُ له يُوجبُ العلمَ به ما لم تعترِضْ آفةٌ تصدُّ عن ذلك يحتاجُ إلى علاجها، أو شبهةٌ تعترضُ فيحتاجُ إلى حَلِّها، ومن أكبر الآفاتِ: الِإلْفُ لمَقالةِ سَلَفٍ، أو السُّكونُ إلى قول مُعَظَّمٍ في النَّفْسِ لا بدليلٍ، فذلك من أعظم ما يعترضُ فيحولُ بينَ إصابةِ الحقِّ، فإذا عالجَ الآفةَ ودفعَ الشُبهةَ، عادَ مُفِيقاً من سُكْرِ الهوى إلى التأملِ ثانياً لتلك الحُجَّةِ.

أو يكونُ ما ادَّعى أنه أَوَّلٌ على شُبهةٍ: لا بُدَّ من أن يكونَ في العقل ما يَحُل تلك الشُبهةَ، كما أنه ما خلا في العقل أوَّلاً ما أزالَ تلك الآفةَ المُعترِضةَ بينه وبين الحُجةِ، وإنما المعترِضاتُ بَلاوي تجبُ معالجتُها، فينبغي أن يَقصِدَ إليها السائلُ بالإِلزامِ حتى يُبينَ أن ما اعتمدَ عليه خصمُه اغترار لا يُوجبُ ثقةً، فإن عدل عن ذلك كان منقطعاً في حكم الجدلِ، لأنه خرجَ عمَّا يلزمُه أن يأتيَ به إلى غيرِه، وهذا ضَرْب من ضروبِ. الانقطاعِ (١).

أو يكونُ ما ادَّعى أنه أول على شَغْبِ: وهو الإيهامُ لطريق الحجَّةِ من غير حقيقةٍ، فهذا ليس فيه إلا تكشيفُ ذلك الشَّغْب حتى يتبينَ أنه ليس فيه مُتعلَقٌ.


(١) "الجدل على طريقة الفقهاء" للمصنف ص ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>