للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصول

وصايا في الجدل

قال العلماءُ (١): واحذَرِ الكلامَ في مجالس الخوفِ، فإن الخوفَ يُذهِلُ العقلَ الذي منه يَستمِدُّ المُناظِرُ حُجَّتَه، ويستقي منه الرأيَ في دفع شبهاتِ الخصم، وإنما يُذهلُه ويَشغَلُه بطلبه حِراسةَ نفسِه التي هى أهم من مذهبهِ ودليلِ مذهبهِ، واجتَنِبْ مكالمةَ من تخافُ فإنها مميتةٌ للخواطر، مانعةٌ من التَثبُّتِ (٢).

واحْذَرْ كلامَ من اشتدَّ بغضُك إياه فإنه داعية إلى الضَّجَرِ والغضب من قليلِ ما يكونُ منه، والضجرُ والغضبُ مُضيِّقٌ للصدور، ومُضعِفٌ لقُوَى العقولِ.

واحذرِ المحافلَ التي لا إنصافَ فيها في التسويةِ بينك وبين خصمِك في الإِقبالِ والاستماع، ولا أدبَ لهم يمنعُهم من التسرُعِ إلى الحكم عليك، ومن إظهار العصبيةِ لخصمك.

والاعتراضُ يُخلِقُ الكلامَ، وُيذهِبُ بهجةَ المعاني بما يُلجِىءُ إليه من كثرة التَّردادِ، ومَنْ تركَ التَردادَ مع الاعتراضِ، انقطعَ كلامُه، وبَطَلَتْ معانيه.

واحذر استصغارَ الخصمِ، فإنه يمنعُ من التحفُظِ، وُيثبِّطُ عن


(١) انظر "الكافية" ص ٥٣٠ - ٥٣١:
(٢) في الأصل: "التثبيت"، والجادة ما كتبناه، وهو الموافق لما في "شرح الكوكب المنير" ٤/ ٣٨٧، فإنه نقل هذا المبحث عن ابن عقيل إلا الفقرة الأخيرة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>