للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتَنْهالَ فوائدُه انهيالًا.

وفي الجملة والتفصيلِ: الأدبُ مِعْيارُ العقولِ ومعاملةُ الكرام، وسؤُ الآدب مقْطَعةٌ للخيرِ ومَدْمَغة للجاهلِ، فلا تتأخَّرُ إهانتُه، ولو لَم يَكُنْ إلا هِجَرانُه وحِرمانُه.

وأما الأدْوَنُ: فيُكلَّمُ بكلام اللُّطْفِ والتفهيم، إلا أنه يجوزُ أن يقالَ له إذا أتى بالخطأ: هذا خطأ، وهذا غلط من قِبَلِ كذا؛ ليذوقَ مرارةَ سلوكِ الخطأ فيجتنِبَه، وحلاوةَ الصواب فيَتَّبعَه، ورياضةُ هذا واجبةٌ على العلماء، وتركُه سُدىً مَضرَّةٌ له، فإن عُوِّدَ الإِكرامَ الذي يَستحِقُّه الأعلى طبقةً، أخلَدَ إلى خطئِه، ولم يَزَعْه عن الغلط وازعٌ، ومَقامُ التعليمِ والتأديب تارةً بالعُنفِ، وتارةً باللُّطفِ، وسلوكُ أحدهما يَفوَتُ فائدةَ الآخَرِ، قَال الله تعالى: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [الضحى: ١٠]، وقيل في التفسير: إنه السائلُ عن العلومِ دون سؤالِ المالِ، وقيل: هو عامٌّ فيهما (١).

فصل

في التَحرُّزِ من المُغالَطَةِ في الجدلِ

وهي على ضربين: أحدهما: الإِخراجُ عن السؤال أو الجواب، والآخر: الِإيقاعُ للاشتراكِ في الكلامِ على خلاف ما يَسبِقُ إلَى الأفهام، وفي التَّحرُّزِ من ذلك السلامة منه. وينبغي إذا عرف الخصم تحقق الجواب المطابق للسؤال، ثم رأى صاحبه قد زال عنه، دَله على أنه


(١) في الأصل: "فيها".

<<  <  ج: ص:  >  >>