للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولنا في حجة رهنِ المشاع: إنه رهن مشاع، فصح، كما لو رهنه من الشريك، وهبةُ مشاع فصحت، كما لو كانت مما لا يَنقسم (١)، وفي الطهارة: بأنها طهار بالماءِ، فصحت بغير نية، كإزالة النجاسة (٢)، وفي بَيع اللحم بالحيوان (٣): إنه بيعُ لحمٍ بحيوان، فلم يصح، كبيع اللحمِ بالمُدَبر، وبيع اللحم بالبعير المنكسر.

فقال بعضُهم: لا يصح؛ لأن ذلك يُفضي إلى أن يكون نفسُ العلَّةِ هو المعلل له. ولأنه يؤدي إلى التنافي؛ لأنه يفضي إلى كونِ المسألةِ معللة لا معللة؛ لأنك إذا قلتَ: حرمت الخمرُ لأنها خَمر. فقد علَلت وبينت أنها معلَلة، إلا أن معنى قولك: لأنها، غير معللة لعينها، وهذا يدل على أنها غير معللة.

ومنهم من قال بصحتها -وهو عندي أصح- إذا دلت الدلالة على صحة العلَّة، ألا ترى أنَكَ تعلل لوجوب الحدِّ على الزاني بأنه زان، والقطعِ على السارقِ بأنه سارق، فنفس السؤالِ يجعل علةً لصلاحيتهِ علةً، فلا تَنظر إلى أعداد التسميات، كما ينظر بعض المتفقهة، فيقول: هذه المسألة، فأين العلَّة؟ طلباً لأعدادِ أركانِ العلَّة التي قد عدوها من وصفٍ وحكم وأصل، وإنما العبرةُ بما يدل الدليل على أنه علَّةُ وما يصلحُ لجلب الحكمِ، فلا فرقَ بين أن يكون عينَ المسألة أو غيرَها. وقد أشبعت الكلامَ في ذلك في الأسئلة على القياس في سؤالٍ يكثر من المتفقهة وقولهم فيه (٤): هذه المسألة، فأين العلَّة؛ أو


(١) "المغني" ٦/ ٤٥٦، و٨/ ٢٤٧.
(٢) "المغني" ١/ ١٥٦.
(٣) نفس المصدر ٦/ ٩٠.
(٤) في الأصل "في".

<<  <  ج: ص:  >  >>