للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجودِ ولا بشهادةِ الأصولِ، فحينئذٍ تفسدُ لعدم الدليلِ على صحتِها لا لأجلِ أنَ الحكمَ الواحد لا يتعلقُ بعلَتين.

وهذا لا يلزم؛ لأنَه إذا ثبتَ لكِل واحدةٍ من العللِ التاثيرُ والجلبُ للحكمِ بدلالةِ النطقِ أو البَيّنةِ أو الإجماعِ، واجتمعتْ في محلٍ فجُلِبَ الحكم، لم يمكنْ أن تَخلوَ كلُّ واحدة من أن تكونَ مؤثِّرة، ويبينُ ذلك بحالِ انفرادِها، وأنها تَستقل بالحكمِ، وهذا كافٍ في نفي اعتبارِ العكس، وفي صحةِ ثبوت الحكمِ بعللٍ عِدةٍ.

فصل

فإذا صحَّ إثباتُ الحكمِ في الأصلِ بعلتين، وتعليلُه بعلتين، وكانَ أحد الوصفينِ أعمَّ من الآخرِ، ودل الدليلُ على صحةِ كلِّ واحدةٍ، كان المعلِّل بالخيارِ بين أن يستدل بالعامةِ وبين أن يستدل بالخاصةِ، كالخبرين؛ أحدهما يدلُّ على حكم بعمومِه، والأخر يدل عليه بخصوصِه، كان مخيراً في الاستدلالِ بأيِّهما شاء (١).

وقال قوم: الخاصَّةُ أولى، لأنَّها تصرحُ بالحكم. ولم يسلموا أن الخبرَ العامَ يساوي الخاصَ بل الخاصُ في الحكمَ المقدم.

فصل

وإذا صحتا -أعني: العلتين المثبتتين للحكم- فلا فرقَ بين أن يكونَ فروعُ إحداهما أكثرَ من الأخرى أم تتساوى (٢).


(١) انظر "المسوَّدة": ٣٧٩ - ٣٨٠، و"العدة" ٥/ ١٥٣٤ و"البرهان" ٢/ ١٢٩١.
(٢) وهو اختيار القاضي أبي يعلى، وأبي الخطاب، وعليه أكثر الشافعية. انظر =

<<  <  ج: ص:  >  >>