للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحاب أبي حنيفة يسمون مثلَ هذا: القياسَ على موضع الاستحسانِ، واختلفوا في جوازِه، فأجازه بعضُهم، ومنع منه بعضهم (١).

وقال أبو الحسن الكَرخي: لا يجوز القياس على المخصوصِ من جملةِ القياسِ إلا في ثلاثةِ مواضعَ:

أحدُها: أن يكون علَّةُ منصوصاً عليها، كقولهِ - صلى الله عليه وسلم - في سؤر الهرة: "إنها من الطوافين عليكم والطوافات" (٢). وهذه علَّةُ صاحب الشرع، يعني أنه لا يمكنُ الاحترازُ منها، فقِسنا على ذلك كلُّ ماَ لا يمكَنُ الاحتراز منه من الحشرات.

أو يكون مجمعاً على تعليلهِ وإن اختلف في علَّتِه.

أو يكون موافقاً لبعضِ الأصولِ، أو يكون مما لم يفصلْ أحدٌ بينه وبين المخصوصِ، كالأكلِ والجماعِ في رمضانَ ناسياً، ظناً منه أنه لم يفصلْ أحمدُ وغيرهُ بينهما.


(١) رأي عامة الحنفية: أنَ الشرع إذا ورد بما يخالف في نفسه الآصول، فإنه يجوز القياسُ عليه إذا كان له معنى يتعداه.
وراجع تفصيل رأي الحنفية في "كشف الأسرار" ٣/ ١٠٣١ - ١٠٣٢ و"أصول السرخسي" ٢/ ١٥٣، و"ميزان الاصول" ٢/ ٩١٤.
(٢) أخرجه: مالك في "الموطأ" ١/ ٢٢ - ٢٣، وأحمد ٥/ ٣٠٣ و٣٠٩، والترمذي (٩٢)، والنسائي ١/ ١٥٥ - ١٧٨، وابن ماجه (٣٦٧)، والدارمي ١/ ١٨٧ - ١٨٨، والبغوي (٢٨٦)، والحاكم ١/ ١٦٠ وصححه، وابن حبان (١٢٩٩)، من حديث أبي قتادة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إنها ليست بنَجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات" وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>