للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحَ قولُه بالموجِب، وإن قويَ ما أراده المستدل اندفع القولُ بالموجبِ.

فاسلكْ ذلك أبداً تجد البغيةَ بعونِ الله.

ثالثُها: أن يدعي السائلُ إجمالَ الآيةِ التي استدلً بها المستدلُّ، إمَّا في وضعِ الشرعِ، أو في وضعِ اللغةِ. فأمَّا إجمالُها في الشرع؛ فمثل استدلال الحنفي في نيةِ صوم رمضانَ من النهارِ بقولِه تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥]، وهذا قد صامَ بعد شهودِه الشهرَ فخرجَ من عُهدةِ الأمرِ.

فيقولُ المعترض: هذا مجملٌ؛ لأنً المرادَ به: فليصمُه صوماً شرعياً، ونحنُ لا نعلمُ أنَّ مَنْ صامَ بنيةٍ من النهارِ قد أتى بصومٍ شرعي، فكيف يعلمُ أنه خرجَ من عهدةِ الأمرِ؟!.

فيسلكُ المستدلُ أحدَ مسلكين: إمَّا أن يوضحَ أنَّ الصومَ مُبَقّى على ما كانَ عليه في اللغةِ، وأنه لم ينقلْ عن الوضعِ اللغوي، فمدعي نقلهِ يحتاجُ إلى دليلٍ، وإذا احتاجَ إلى دليلٍ لم يتحقق الإِجمالُ الذي ادعاه، فإن كان ممن يرى نقلَ الأسماءِ عن اللغةِ إلى الشرعِ، سلك بيان أن الصوم الشرعي بنيةٍ منَ النهارِ، وأن صومَ النافلةِ شرعيٌ، وقد عُهدت في الشرع صحتُه بنية من النهارِ، فينصرف الإِطلاقُ من الشرعِ إلى الصومِ المستقرِ في الشرعِ، وهذا ما طالبتُ به.

وأما الإِجمالُ في اللغة، فهو مثلُ استدلالِ شافعي في أن الِإحرامَ

بالحج لا يصحُّ في غير أشهرِ الحج، لقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>