للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥].

فيجيبُ الشافعيُّ أو الحنبليُّ: بأنها منسوخة في حقّ من كانَ له الِإفطار من غيرِ حمل ولا رَضاع، وحكمُها في حق الحاملِ والمرضعِ باق.

والثاني: أن يُدَّعى نسخُها بآية أخرى متأخرة، مثل استدلالِ الحنبلي والشافعي فى تخيرِ الإِمام في الأسرى بين المَنِّ والفِداءِ، بقوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤]، فيقول الحنفي: قد نُسخ هذا التخييرُ (١) بقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥]؛ لأنها متأخرةٌ.

فيجيبُ المستدلُّ: بأنا نجمعُ بين الآيتين، فنستعملُ القتلَ في غيرِ الأسرى، والتخييرَ في الأسرى، ولا وجهَ لدعوى النسخِ مع إمكانِ الجمعَ.

والثالثُ: أن يُدَّعى نسخُها بأنها شرعُ من قبلَنا، وقد نسخَها شرعُنا


= مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤]، كان من أراد منا أن يفطر أفطرَ وافتدى، حتى نزلت الأية التي بعدها فنسختها. أخرجه البخاري (٤٥٠٦)، ومسلم (١١٤٥)، وأبو داود (٢٣١٥) والترمذي (٧٩٨)، والنسائي ٤/ ١٩٠.
(١) أخرج الطبري عن ابن عباس في قوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤] قال: الفداء منسوخ، نسختها {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}. وهو مذهب ابن جريج والسدي وابن عباس. والذي رجحه الطبري أن الآية محكمة، وأن حُكم الفِداء والمن باق لم ينسخ. وهو مذهب ابن عمر والحسن وابن سيرين ومجاهد وأحمد والشافعي. انظر "تفسير الطبري" ٢٧/ ٢٦، و"أحكام القرآن" للشافعي ١/ ١٥٨، و"نواسخ القرآن" لابن الجوزي: ٤٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>