للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاحْتِدادَ (١)، ثم فَتَرَ النهيُ ونُقِضت الأحكامُ، كما لا يجوزُ ذلك في إيجابِ الحد، والتفسيقِ، وسقوط التغْريمِ على متْلِفِها، ونجاستِها، ويدَعى أن ذلك كان في حالِ احتدادِ النهي، وقرْبِ عَهْدِهم بها.

فالنهي مطلق والأحكام ثابتةٌ، والنسخ ممتنع بعدم النطقِ الصالح للنسخِ، بل قد أبْقَى الشرع أحكاماً على سبيل التعَبُّد بعد زوال عِلَلها، كإبقاء تشريع الرمَلِ (٢) والاضْطِباعِ (٣)، وإن كانا وُضعا لاظهار الجَلَدِ للمشركين، وقد زال الخوف وبقيا تعبداً خِلْواً من عِلةٍ، وكذلك إبقاءُ القَصْرِ بعد اشتراطِ الخوف، فلما قَالوا له: يا رسولَ الله، ما بالُنا نقصر وقد أمِنَا، والله تعالى يقول: {إنْ (٤) خِفْتُم} [النساء: ١٠١] فقال: "صَدَقَةٌ تَصدَّقَ الله بها عليكم" (٥)، فكان لأجل الخوف، فلما


(١) أي: الشدة.
(٢) الرَمَل، بالتحريكِ: الهَرْوَلَةُ يشير بذلك إلى رَمَلانهِ - صلى الله عليه وسلم - بأصحابهِ ليرُيَ المشركين قوَّتهم.
انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" ٩/ ١٣ و"سنن الترمذي" (٨٥٧) و"النهاية في غريب الحديث والأثر". (رَمل).
(٣) الاضطباع: أن يُدخلَ المُحرمُ الرداءَ من تحت إبْطِهِ الأيمنِ، ويردُّ طَرَفَهُ على يسارِه، ويُبدي مَنْكِبَهُ الأيمَنَ ويُغَطي الأيْسرَ، سمي به لإبداءِ أحد الضبْعَيْن.
وهو العضُدُ أو الإبْطُ. قاله المجد في "القاموس" (ضبع).
وانظر: "مسند أحمد" ١/ ٣٠٦ و"سنن الترمذي" (٨٥٩) و"سنن أبي داود" (١٨٨٣) و"سنن ابن ماجه" (٢٩٤٥).
(٤) في الأصل: "وإن".
(٥) تقدم تخريجه في الصفحة: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>