للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا الدليلُ القَطْعىُّ، وذلك قد يودُ من حنبليٍّ أو حنفى على شافعيٍّ استدلَّ على إثبات: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} من الفاتحةِ وكلِّ سورةٍ بأنها مكتوبةٌ في المصاحفِ بلا نكير، مَتْلُوَّة في المحاريب بغيرِ تغيير، فهي كسائرِ الآيِ من السُّوَرِ.

فللشافعيِّ أن يقولَ: إنني غيرُ مستدل بقياس، لكني مستدلٌ بدليل قطعيٍّ، وهو الإِجماعُ.

وتعاطى بعضُهم فقال: إني مستدل بعلةٍ تُوجبُ العلمَ، وهى إجماعُهم على كَتْبِهِم لها في المصاحفِ، وتلاوتهم لها في المحاريب، فإذا كانت علةً تُوجبُ العِلْمَ، ثبتَ بها ما طريقُهُ العِلْمُ كالعِلَلِ العقليةِ (١).

فيقول الحنبليُّ أو الحنفيُّ: أما الإجماعُ على الكَتْب والتلاوةِ فلا يُصَرِّحُ بالإجماع على انها آية مما يُكتبُ في ابتدائهِ أو كُتِبَتْ، بل يجوزُ أن تكون تلاوتُهم لها وكَتْبُهم إياها ابتداءً تبرك، واستفتاح باسمِ الله، كما كان يكتبُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: بسم الله الرحمن الرحيم {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (٢) الآية [آل عمران: ٦٤].

فأَمَّا دعوى التعليلِ بعلةٍ قطعيةٍ، فالذي ذكرْتَهُ في الأصْلِ وهو جميعُ آيِ القُرآنِ، فإن كان موجوداً في الفَرْع، فأثْبتْ به ولا تَجْعَلْهُ علةً، وإن لم يكن موجوداً في الفَرعِ، فلا يصحَ قياسُكَ، وما مَثَلُكَ في


(١) انظر "التمهيد"٤/ ١٠٢.
(٢) أخرجه البخاري (٤٤٢٤) ومسلم (١٧٧٣) من حديث ابن عباس. وانظر
"شرح النووي على مسلم" ١٢/ ٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>