للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُئِل عن الرِّبا في الفواكه، ويعَلِّلُ بأنَه مطعوم، فهذا مّما لا يدخلُ في الأَقْيسَةِ، لاستواءِ الأصلِ فيه والفَرْع في الدلالةِ، فلا مَزِيَّةَ لأحدِهما فيكونَ بتلك المَزِيةِ أصْلاً، ولَا يَنْحَطُّ أحدُهما عن الأخرِ فيكونَ بذلك الانحطاطِ فَرْعاً، فهو كَمَنْ أرادَ أنَّ يُوَزَعَ الأعيانَ المَنْصوصَ عليها فيجعلَ الشعيرَ مَقيساً على البُرِّ بعِلَّةِ الطعْمِ، وذلك فاسدٌ لِما ذكرْنا، كذلك هذا. والعلَةُ في الجميعِ أنَّ الدلالةَ شَمَلَتْ الشعيرَ والبُرَّ وهو النَصُّ. كذلك النص في الطعْم شَمَلَ الفاكهةَ والبُقولَ، فَتجنَبْ من الأَقْيسَةِ ما هذا سَبيلُهُ، فَمِثْلُ هَذا القياسِ مَرْدودٌ، لفسادهِ، فلذلك ذكَرْتُه في جُمَلةِ فُصول الردودِ.

فصل

فإِن قاسَ قائسٌ على أصلٍ مُجْمَعٍ عليه، فقال المُعترضُ: إنَ الِإجماعَ إِنَما يصدرُ عن دليلٍ. فيحتاجُ أنَّ يُبَينَ الدليلَ، فعساه يَشْتَمِلُ على الفَرْعِ كاشتمالهِ على الأصْلِ، فلا يكونُ في القياسِ فائدة، فيكون من قبيلِ القياس الأولِ، وهُو من الأقْيسةِ الرائجةِ التي يغترُّ بها مَنْ لا يَعرِفُ عُمَدَ الأقَيسَةِ وشروطَها، وهذا من الانتقادِ الذي يَغْفُلُ عنه كثيرمن الفُقهاءِ ممن لا مُعاناةَ له بهذا العِلْمِ فَضْلاً عن المُتَفقِّهةِ.

فالجواب: أَنَّ دليلَ الأصلِ [لا] (١) يجوزُ أَن يكونَ نَصّاً، لأَنَّه لو كان نَصّاً لَما خَفِيَ عن المُجتهدين وغيرهم. لم يَبْقَ إِلّا انَه في الظاهرِ علَّةُ


= المِزي في "التحفةِ" (١١٤٨٢): انفرد به مسلم وأخرجه أحمد ٦/ ٤٠٠، والبيهقي في "السنن الصغرى"٢/ ٢٤٤ من الطريق نفسِها. وانظر "مختصر المزني": ٧٦، و"شرح الكوكب المنير" ٤/ ٨٧.
(١) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>