للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معصيةٌ لم يُعْتَبَرْ فيه العَدَدُ، بل لو مات المَرْميُّ بحجرٍ واحدٍ كفى وأجْزَأ في إِقامة الحَدَ.

فيُقال: ليس المُوجبُ لِنَفيِ التقدير تقدُّمَ المعصيةِ ولا علَلهُ أحدٌ بذلك، وكيف يُجْعلُ تَقَدمُ المعصيةِ علًّةً لإسقاطِ التكرارِ، والمعصيةُ أبداً تُوجبُ تأكيدِ التعذيب، فأمَّا أن تكون عِلَّةً لإِسقاطه فلا، وليس يكفي في بيانِ التأثيرِ أنَّ يُعْدَمَ، ولا الحكم في موضع، وإنَما يُعتبرُ أنَّ يزولَ الخكْم لزوالِ العِلَّةِ، وإنَما يُبَين ذلك أن يكونَ زوالُ الحُكْم مَعَلَّلًا بزوالِ تلك العِلَّةِ، مثلَ: أنَّ يزولَ تحريمُ الخمرِ ونجاستُهُ بتخَللهِ وزوالِ شدَّتهِ المُطربةِ فيه، وكذلك أنَّ كان زوال الحُكْمِ بزوالِ بعض أوصافِ العلَّةِ، فإنَّ تلك العِلَةَ مؤثرة.

فصل

فأمَّا الوصفُ إِذا كان يمنع من نَقْضِ العِلةِ فهل يكونُ مانعاً من نَقْضِها كافياً في التأثيرِ؟ قال بعضُ الناسِ من أهلِ الجدلِ وبعضُ أصحابِ الشافعيِّ: يكون تأثيراً.

والذي عليه المُحقِّقون انَّه ليس بصحيحِ؛ لأنَّ النَّقْضَ يَمْنعُ منه اللفظُ، فقد يكون المانعُ من النًقْضِ اللفظ الذي يزيدُهُ المُعَلَلُ في العلَّةِ بوضْعِه مع كَوْنهِ لا تَعَلقَ للحُكْم به، ويسقطُ الوصفُ الذي يتعلق به الحكمُ، وهذا كما لو قال أصحابُ أبي حنيفةَ في إِزالةِ النجاسةِ بالمائعاتِ: إِن اللَّبَنَ مائع طاهر مشروب فجاز إزالة النجاسةِ به كالماءِ.

كان قولهم: مشروب، يمنعُ دخولَ النقض بالدهنِ والمَرَقِ، وإن كانَ وصفاً لا تعلقَ للحكمِ به، وإِنَّما العِلًةُ أنه مَنْفى، لان مشروباً لا تأثيرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>