للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

واختلفوا في دَفْعِ النقضِ بالتسويةِ بين الأصلِ والفَرْعِ، فأجازه قومٌ، ومنَعَ منه قوم. والذي عليه أصحابُ الشافعيُّ والمحققون أنَّه لا يُدْفَعُ، واليه أذهب (١).

وذهبَ أصحابُنا وبعضُ أَصحابِ أَبي حنيفةَ إِلى أنه يَدفَعُ النقْضَ (٢).

ومثالُه: تعليلُ مَنْ أَوْجَبَ الِإحدادَ في حق البائنِ بأنها بائنٌ، فوجب عليها الِإحدادُ، كالمتوفى عنها زَوْجُها، فإذا نَقضْتَ عليهم بالذمِّيةِ والصغيرةِ قالوا: يستوي الأصلُ والفَرعُ في ذلكَ، لأن المتوفى عنها الزوجُ إِذا كانت ذميةً أو صغيرةً لم يَجِبْ عليها الإِحدادُ، وغرضُنا بالعلةِ: التسويةُ بين الأصلِ والفَرْعِ.

فيقال: إِنَّ هذا نَقْض للعلَّةِ في الأصلِ والفَرْع، والعلَةُ المنتقضةُ فاسدةٌ؛ لأَن الطردَ شَرْط ومتى عُلل بهذه العلَّةِ في الأَصلِ وهي المتوفَى عنها، وفي الفَرْعِ وهي البائنُ، انتقضت بالذميةِ. وقولهم: الغرض التسويةُ. فإنما يصحُّ إِذا كانت التسويةُ بعلَّه، والمنتقضةُ ليست علَّةً تصلح لجَلْبِ الحُكْمِ، فيتعطل بَنْقضِها عن جَلْبِ الحُكْمِ في الَأصلِ والفَرْعَ.

والتسويةُ في التعطيل لا تنفع في التعليلِ، على أنَ حُكْمَكَ ليس هو التسوية، وإِنَما حُكمك وجوبُ الإِحدا؛ وإِن كان حكمُكَ هو التسويةَ بين المطلَّقةِ والمتوفَّى عنها، احتَجْتَ إلى أَصلٍ تقيسُ عليه العِلَةَ.


(١) نقله صاحب "الكوكب المنير" ٤/ ٢٨٨
(٢) في الأصل: البعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>