للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فقد اعترض الشافعي فى مناظرتِه محمدَ بن الحسن (١) بمثلِ هذا الاعتراضِ، حيث قال محمدُ بنُ الحسنِ في الزِّنا: إِنه ينشر الحُرْمَةَ واعتبرهُ بالوَطْءِ المُباح، بأنَّ هذا جماع وهذا جماع، فقال الشافعيُّ: هذا جماع حُمِدْت به، وهذا جماعٌ رُجِمْتَ به.

فالجوابُ: أنّ هذا خَرَجَ مَخْرجَ الفَرْقِ بين الجِماعَيْن، لأن الجماعَ إذا حُمِدْتَ به كان له حُرْمَة تقتضي المحْرميَّةَ في حقِّ الموطوءَةِ، والذي يوجبُ الحدَّ لا حُرْمةَ له فلا يتعلَّق به التحريمُ.

فصل

ويحصل فسادُ الاعتبارِ من وَجْهَيْن، بعد انتشارِهِ في الكتابِ بما ذكَرْتُ من الوجوهِ:

احدُهما من جهةِ النص.

والثاني من جهةِ الأصولِ.

فما يُعرفُ بالنصَ، هو أن يَعْتَبِرَ حُكْماً بحُكْمٍ، وقد ورَدَ النصُّ بالتفرقةِ بينهما، كاعتبارِ أصحابِ أبي حنيفة تخليل الخَمْرِ بالدباغ (٢).

فيقول الشافعيُّ: النصُّ فرقَ بينهما، لأنَّ النبى - صلى الله عليه وسلم - نَدَبَ إلى الدباغِ في شاةِ مولاة ميمونةَ (٣) ونهى أبا طلحة عن التخليلِ لخَمْرِ


(١) محمد بن الحسن أبو عبد الله الشيباني، من كبار أصحاب أبي حنيفة، توفي سنة (١٨٧) هـ. "الجواهر المضية" ٣/ ١٢٢.
(٢) انظر "إيثار الإنصاف": ٣٧٥ و"المغني" ١٢/ ٥١٧ و"المحلى" ٧/ ٥١٦.
(٣) يريد قوله - صلى الله عليه وسلم - حين مر بشاةٍ ميتةٍ لمولاة ميمونه: "هلّا أخَذْتُم إهابها،=

<<  <  ج: ص:  >  >>