للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ في اعتراضِ العلَّةِ على أصلها

وذلك من وَجْهين:

أحدُهما: أَن تُسْقِطَ أَصْلَها، كعِلَّةِ أَصحابِ أَبي حنيفة في جواز الصلاةِ بلفظ التعظيم: أنّه لفْظ يقصَدُ به التعظيمُ لله سبحانه فأَشْبَهَ لَفْظَ التكبيرِ، فإن الأَصلَ ثبت بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مفتاحُ الصلاة الطهور، وتحريمُها التكبيرُ، وتحليلُها التسليم (١) " وهذا يقتضي تخصيص التحريمِ بلفْظِ التكبيرِ، وهذه العلَّةُ تُبطُل هذا، فأبْطَلَتْ أَصْلَها.

والثاني: أَن تَخُصَّ أَصلَها، كقولهم في الرِّبا: إِنه مكيل جِنْسٍ، فإِنَّ الأصلَ ثبت بقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَبيعوا البُر بالبُر (٢) " وهو علَة في القليلِ والكثيرِ، وعلَّتكم تخصُّ الأصْلَ في القليلِ، فلا تصحُ، لأنه لو كان ذلك علةً، لَعَمت جميع الأَصلِ، لأنَّ المطلوبَ علَّةُ الأصل.

والجوابُ: أن يتكلم على الخبرِ في المَوضعَيْن، ويُبَينَ أَن الخبرَ في الأول لا يقتضي الحَصْرَ، والخبر في الثاني لا يتناول القليل، ليبقى القياسُ بحاله.

فصل في الكَسْرِ والاعتراض به على العلَّة (٣).

وهو نَقْض المعنى. وهو وجود معنى العلَّةِ ولاحُكْمَ، كما أنَّ النَقْضَ


(١) أخرجه الترمذي (٣) وابن ماجه (٢٧٥) والدارقطني ١/ ٣٦٠ من حديث على رضي الله عنه.
(٢) سبق تخريجه في الصفحة (٤٨) من الجزء الأول.
(٣) انظر في هذا الفصل: "المسوَّدة": ٤٢٩ و"التمهيد" ٤/ ١٦٨ و"شرح الكوكب"٤/ ٢٩٣ و"الإبهاج" ٣/ ١٢٥ و"المعونة في الجدل": ١٠٧ و"شرح مختصر الروضة" ٣/ ٥١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>