للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلٌ

مُحققٌ في استِصْحابِ الحالِ أيضاً

اعلم- وفًقَكَ الله- أنَّ استصحابَ الحالِ هو البقاءُ على حكمٍ اسْتَندَ إِلى دليلِ عَقْلٍ أو حُجَّةِ سَمْع، ومتى لم يَكُنِ الحالُ المعتمدُ رجوعاً إِلى حُجَّةٍ، لم يَصِحَّ التعلقُ بها.

وهذا دليل يَفْزعُ إِليهِ المجتهد عند عدم الأَدِلَّةِ.

وقد ذهبَ قومٌ من الفقهاء الأعاجم إِلى أنه ليس بدليلٍ (١)، وإِنما هو حقيقةُ الجَهْلِ، ورَدّ للسؤالِ على السائلِ، وطلبُ الدليلِ منه، لأنه يقول: الأصلُ كذا، فَمنِ ادَّعى نَقْلَنا عنهُ، فعليهِ الدليلُ، فكان محصولُ الكلامِ: لا أعلمُ ما يَنْقُلُني، فَهَلُمً دليلًا (٢) اتبِعُهُ.

وليس هذا بكلام من فَهِمَ التمسُّكَ بأحكام الأدِلَّةِ والبقاءَ عليها، وإِنما الجهلُ ما صورةُ العبارةِ عنه: لا ادري.

فأمَّا مَن قِيلَ لهُ: ما مذهبُكَ في أمَ الولدِ؛ هل تُباعُ؟ فقال: تُباعُ. فقيلَ له: ولم قُلْت،: إِنها تُباعُ؟ فقال: لأنَّ الأصلَ فيها الرِّق وجوازُ البَيْعِ، فإِنا نَتمسكُ بهذا الأصل إِلى أنَّ يقومَ دليلٌ بالمَنْعِ، فإِنَه (٣) قد


(١) نقل هذا المذهب عن جمهور الحنفية والمتكلمين كأبي الحسين البصري، انظر "تيسير التحرير" ٤/ ١٧٧، و"المعتمد" ٢/ ٣٢٥، و"البحر المحيط" ٦/ ١٧.
وفي الاحتجاج باستصحاب الحال مذاهب أخرى، انظرها في "البحر المحيط" ٦/ ١٨ - ٢٠.
(٢) في الأصل:"دليل".
(٣) في الأصل: "بأنه"

<<  <  ج: ص:  >  >>