للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذا المعنى الذي إليهِ يرجِعُ أصحابُ الإباحةِ وأصحابُ الحظر؛ لأنهم جميعاً يقولون: إن الذمة بريئة، وأهلُ الوقفِ يقولونَ: إِن الذمة بريئة، غير أنهم لا يقولونَ مع ذلك: إن الأفعالَ التي سماها مخالفوهم مجوزات العقولِ محظورة ولا مباحةُ، وليس معنى وصفِ الشيءِ بأنه محظورُ أو مباح براءةَ الذَمةِ منه؛ لِما بينه القومُ في مقالتِهم بأدِلَتهم في باب الإِباحةِ والحظرِ، وإذا ثبتَ هذا، صحَ التَعلقُ ببراءةِ الذَمةِ لكل فريقٍ من هؤلاءِ الثلاثةِ المُختلفينَ في حكمِ الأصلِ: هل هو الحظرُ، أو الِإباحةُ، أو الوقفُ؛ ولا وجهَ للتَّعاطِي لإِخراجِ بعضِهم.

فصل

وكما أن التمسك بالأصلِ في براءَةِ الذمة واجبٌ، صَح أيضاً بإِجماعِ الفقهاءِ التعلقُ بتأبيدِ الفرض في كلُّ وقتٍ، إذا دَلتِ الدلالةُ على وجوب تكررِهِ، إِما من ناحيةِ لفظَهِ على من أثبتَ للعموم صيغةً، أو بدلالةٍ تقَترِنُ به على مذهب أصحاب الوقفِ والخصُوص، إِلا أنَّ ينقلَ عن ذلك دَلالةُ نسخ فيماَ يتعلَّقُ بالأزمانِ، أو دلالةُ تخصيص فيما يتعلَقُ بالأعيانِ، فيجِبُ المصيرُ اليه، وإِلا فالثبوتُ على الحالةِ التي تُوجِبُ عُمومَها في الأعيانِ والأزمانِ واجب تمسكاً واسْتصحاباً، فما كان من الأحوالِ المُستصحبةِ جارياً هذا المجْرى لَزِمَ التعلُّقُ بها، وما لم يَكنْ من هذا في شيءٍ فليس بصحيحٍ.

فصل

وأما ما يتعلَقُ به القائلونَ بالتَمسكِ بالصلاةِ بالتَيممِ والمُضِى فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>