للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوضِّح هذا: أنَّ المسألةَ الأولى مسألة إِجماع لا يَسوغ الخلاف فيها، فلو مَنَعَ مانعٌ من الشروع (١) في الصلاة بالتيممِ مع عدمِ الماءِ كان للِإجماعِ (٢) خارقاً، وبخرقِهِ الِإجماعَ فاسقاً.

والمسألةُ الثانيةُ مسألةٌ من أَصابَ فيها الحَقَّ بإيجابِ الانتقال -وهو مذهبُنا- (٣)، فلهُ أَجْرانِ لاجتهادهِ وإِصابةِ الحَقِّ، ومَنْ أوْجبَ المُضِيَّ فيها (٤)، فله أجرٌ لمكانِ اجتهادهِ في طلب الحقِّ، فأين المسألةُ الأُولى من الثانيةِ؟ وكذلك لا نُجِيزُ (٥) لعاميٍّ أَنَ يقِّلدَ مَن يَمنعُ الدخولَ بالتيمُّم في المسألةِ الأُولى، ونُجِيزُ للعاميِّ تقليدَ مَن أَوْجبَ المُضِيَّ فيها بعدَ طلوعِ الماءِ، فهذا مما لا خفاءَ به.

فإذا ثبتَ بهذا انَهما مسألتانِ، فإِذا لم يَكنْ بُدٌّ في تصحيح الأولى من دليلِ عقلٍ أو حجة سَمْعٍ أو إِجماعٍ أو غيره، وجبَ أنه لا بُدَّ


(١) في الأصل: الشرع.
(٢) في الأصل: "الإجماع".
(٣) هو المشهور من مذهب أحمد، وبه قال أبو حنيفة والثوري. انظر "المغني" ١/ ٣٤٧، و"المحرر" ١/ ٢٢، و"تحفهَ الفقهاء" ٢/ ٤٤، و "مختصر الطحاوي" ص ٢١.
(٤) مذهب مالك والشافعي وأبي ثور وداود: أنه يمضي في صلاته، ولا تنتقض طهارته، ولا تبطل صلاته بحضور الماء. انظر "المجموع" ٢/ ٣١٠ وما بعدهاث و "بداية المجتهد" ١/ ٧٣ و "المحلى" ٢/ ١٢٦.
(٥) تصحفت في "الأصل" إلى: "بجير".

<<  <  ج: ص:  >  >>