للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبادةِ، أم لا؟ فعلى من يُوجِبُ القطعَ دليلٌ، وعلى من يُسقِطُهُ دليل؛ لأن الِإيجابَ في هذا والِإسقاطَ من العباداتِ السَمْعيةِ التي لابد فيها من دليل، اللهم إلا أن يكونَ الدليلُ الموُجِبُ لِصحةِ الصلاةِ دليلًا (١) يُوجِبُ المُضِى في الصلاة وإن وُجِد الماءُ بلفظٍ يَقْتضِي ذلك أو إِجماعٍ عليه، فإِذا لم يَكُنْ هاهنا إِجماع على هذا ولا لفظٌ يَقْتضِيهِ، وإنما أجمعتِ الأمةُ على المُضِي في الصلاةِ مع عدم الماءِ لا مع وجودهِ، وقد اخْتلفتْ عند طلوعِ الماءِ عليه، فوجب إِقامةُ الدليلِ لزوالِ الإِجماعِ ووقوعِ الخلافِ، وهذا ظاهرٌ لا إشكالَ فيه.

فإن قالوا: إِن الإجماعَ على دخولِ الصلاةِ بالتَّيمُّمِ، وصِحَّةِ ما أدى منها مع عدمِ الماءِ على معنى أنه قُرْبة يُثابُ صاحبُها، لم يَقَعْ إِلا عن دليل سَمْعيٍّ، فيجبُ أن يكونَ ذلك الدليلُ في معنى اللَّفظِ الذي يُوجِبُ المُضيَّ في الَصلاة إلى آخرها وإن وُجِدَ الماءُ؛ لأن الأمَةَ لا تُجْمعُ إلا عن دليلٍ، ولا تُجمعُ على تَخْمينٍ ولا تَقْليدٍ ولا واقع، ولا يكونُ الدليلُ في مثلِ هذا إلا سَمْعياًّ، فيجِبُ أن نُقيمهُ مَقامَ اللفظِ المُوجِبِ للمُضِيِّ في الصلاةِ.

قيل لهم: لعَمْرِي إن الأمةَ لما أجمعَتْ على ما ذَكَرْتُم إنما أجمعتْ على دليلٍ، ولكن مِن أين لنا أن ذلك الدليلَ هو لفظ يُوجبُ المُضِيِّ في الصلاة وإن طَلَعَ الماءُ؛ ولعل الدليلَ هو لَفْظٌ، مضمونُهُ: صَل ما لم تَجِدِ الماءَ، أو إلى أن تَجِدَ الماءَ، فإِذا وجدْتَهُ، فاخْرُجْ واسْتَأنفِ الفَرْضَ، ولعلَّهُ قياسٌ صحيحٌ اقتضى المُضِى في الصلاة ما


(١) وقع في الأصل: "دليل".

<<  <  ج: ص:  >  >>