للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلم، وقال آخرون: نصفُ دِيَةِ المسلمِ، وجبَ الرجوعُ إلى ما عليه الاتَفاقُ، وهو أقَل ما قيل، وألْغِىَ موضعُ الخلافِ، وكذلك يجبُ الرجوعُ إلى المُضِيِّ في الصلاة؛ لموْضعِ الِإجماعِ، واطراحِ الخلافِ.

قيل لهم: في هذا أمورٌ كثيرةٌ:

أوَّلُها: دخولُكم في هذا على ظَنٍّ منكم أن الأمَةَ قد أجْمعَتْ على المُضِيِّ في الصلاة وإن وُجِدَ الماءُ، كما أجْمَعْنا على اسْتِحقاقِ أقلَ ما قيلَ في دِيَةِ اليهودِيِّ، وهذا تَوَهم قد دُفِعْتُم عنه دَفْعَةً بعد أخرى، وثانيةٍ بعد أُولى، وليس بمثلٍ لِما ذَكَرْتُم.

والثاني: أن التعَّلقَ في هذه المسائلِ بأقلِّ متعلق، بموضعين: أحدُهما صحيح، والأخرُ مُطَّروح، إذا سُلِكَ فيه السننُ الذي ذَكَرْتُم، فالصحيحُ: هو وجوبُ أخذِ أقلِّ ما قيل؛ لانه مُستحَق، والساقطُ: إِيجابُ براءةِ ذِمتِه مما زادَ عليه، فإِنَّا لا نُسقِطُ الزائدَ على قَدْرِ ما أجمعُوا عليه، لوقوعِ الخلافِ فيه، وإِن أوْجَبنا أقَل ما قيل.

وبان باسْتِصحاب (١) هذه الحالِ إذا ذُكرَ على هذا الوجهِ، وجوبُ استصحاب حال أخَرى في مُقابَلتها، وهي أن الجنايةَ لما وقعتْ، أجمعَ المسَلمون على اشتغالِ الذمةِ بجميعِ قِيمتها دون بعضِها، فاذا أجمعوا على أقَل ما قيل أخَذْناهُ، ولم نُسقِطْ ما زادَ عليه مما اخْتُلفَ


(١) في الأصل: "استصحاب".

<<  <  ج: ص:  >  >>