للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فيه] (١)؛ لأن إجماعَهُمْ على الأقلِّ المُسْتَحَق (٢)، ليس هو إجماعاً منهم على أنه كلُ المُسْتَحق، وقد تَيَقَّنا اشتغال الذمة بكل المُستحَق، ولا تَصِحُ براءتُها إِلا باداءِ الحقَّ، ولا دليلَ يَدُلُّ على أن ذلك المُؤَدى هو كلُّ الحق، وليس قولُ مَن قال: إن المُستحَق هو ثُلْثُ الديةِ، دليلاً (٣) على أنه هو كلُ الحق؛ إذ في الأمةِ مَن يقولُ: إن المُستحَق أكثرُ من ذلك، والذَمَةُ لا تَبْرأ بالخلافِ، وإنما تَبْرأ بالدليلِ القاطعِ، وهذا يُسقِطُ ما قالوه إِسقاطاً ظاهراً.

ولكن يَصِحُ أن يُوجَبَ (٤) أقل ما قيل، ويُرجَعَ (٥) في إسقاطِ ما زادَ عليه إلى شيءٍ من (٦) الاخْتلافِ في اسْتحِقاقِهِ؛ وهو أنْ يقولَ: الأصلُ أنَّ الذِّمَّةَ بريئةٌ، فلا يُوجَبُ اشتغالُها إلا بدليلٍ سَمْعىٍّ، وقد تَصَفَحْنا السمعَ، فَعلمْنا أنه لا دليلَ على اشتغالِ ذِمَّتِه بشيءٍ يَزِيدُ على أقلِّ ما قيل؛ لأنَّهُ لو كان عليه دليلٌ، لوجَبَ أنْ نَعْلَمَهُ عند طَلَبهِ والبحثِ عنه، وأن لا يُخْلِينَا الله مما يَدُلُّنا على ذلك من ظاهرٍ أوَ قياسٍ أو إِجماعٍ أو حُجَّةِ عقلٍ، فإِذا لم يَكُنْ في أَدلةِ العقْلِ والسمعِ ما يُوجِبُ اشتغال ذِمَتِهِ بأكثرَ من القدْرِ المجْمَعِ على استحقاقِهِ، وجَبَ براءةُ


(١) زيادة على الأصل.
(٢) في الأصل: "مستحق".
(٣) في الأصل: "دليل".
(٤) فى الأصل: "يوجد".
(٥) في الأصل: "رجع".
(٦) في الأصل: "عن".

<<  <  ج: ص:  >  >>