للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالثُ: ألقيَ إلى قلوبِ الرسلِ، إمّا إلهاماً في اليقظةِ، وإما مناماً.

والثلاثة اجتمعتْ لنبينا - صلى الله عليه وسلم -، قال له كفاحاً وسماعاً منه بلا واسطةٍ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} [البقرة: ٢٨٥] إلى آخر ما وردَ به الحديث (١)، ثم قال: فألهمني أن قلت. ففرق بين قال لي، وألهمني فى حال واحدة.

وقال له بواسطةٍ، هو جبريلُ عليه السلام: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)} [سورة العلق: ١] {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل: ١ - ٢] {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: ١ - ٢]. وأخبرَ - صلى الله عليه وسلم - فيما صحَت به السنَنُ الصحاحُ عنه: "فقال: لي كذا فقلت كذا"، "حيث انقطعَ جبريلُ عني". وكان كما قالَ سبحانه: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠)} [النجم: ٩ - ١٠].

وقال مما ألقاه في نفسِه وروعِه: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ


(١) روى أبو حيان والقرطبي عن الحسن ومجاهد وابن سيرين وابن عباس -في رواية- أنَ هاتين الآيتين لم ينزل بهما جبريل وسمعهما النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج بلا واسطة. انظر "البحر المحيط" ٢/ ٣٦٤، و"الجامع لأحكام القراَن" ٣/ ٤٢٥.
وأخرج مسلم في صحيحه (١٧٣) عن ابن مسعود قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتُهيَ به إلى سدرة المنتهى ... قال: فأُعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً: أُعطي الصلوات الخمس، وأُعطي خواتيم سورة البقرة، وغُفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئاً المقْحِمات.

<<  <  ج: ص:  >  >>