للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلقائِهمِ. وقال سبحانه: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨] {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩].

وقال: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)} [العلق: ٣ - ٥]، فأضافَ تعليمَ النطقِ والكتابةِ إَليه، فلم يبقَ منطوق به ولا مكتوب يفتعلهُ الإنسان أو يكتسبهُ.

وقد كانت الملائكةُ قبلَ خلقِ آدمَ متفاهمةَ مخاطبةَ بدليلِ قولهِ سبحانه: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا ...} [البقرة: ٣٠]، الآيات. فقد كانوا يفهمون الخطابَ ويخاطبون، ومع ذلك نفوا العلومَ عن نفوسِهم، واستثنوا ما علّمهمْ سبحانَه، فدل بهذِه الآياتِ أن لا شيءَ من الكلامِ بمواضعةٍ، وأنّ جميعهَ تعليم من الله سبحانه.

فصل

يجمعُ الأجوبة عن جميعِ ما ذكروه.

وهو أنّه لا حجةَ في الآيةِ على مقالتنا ولا لمقالتِهم، لأنّا لا ننكرُ أن يكونَ الله سبحانه علمَ آدمَ الأسماءَ، لكنْ من الذي خصَّ التعليمَ بالخطابِ والإسماع له أسماءَ الأشياءِ؟، وما المانعُ من أن يكونَ التعليمُ بالخطاب وبالتفهيمَ والإلهام؛ وجعلُه على صفةِ من يحددُ أسماءَ بالمقايسةِ على ما علمه بالمخاطبةِ، أو يحدث أسماءَ بالمواضعةِ مزيدةً على علمه بالإلهام والمخاطبة. والمدحة لآدمَ بالطريق الذي نقولُه أوفى من المدحةِ والتفضيلِ بما يقولُه المخالفُ.

والآية خرجتْ مخرج التفضيلِ لآدمَ عليهم في العلمِ، فالطريقُ الذي نقولُه استخراجُ آدمَ للأسماءِ استنباطاً من صورِ المسمياتِ وإحداثُ أسماءٍ لما لم يسمَّ بالقياسِ على ما سمي، وإلحاقُ كلُّ اسم بمحلٍ يشاكلُ المحَل المسمى بالتوقيفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>