للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا المتشابهُ في باب الأفعالِ والصفاتِ (١)، فمثلُ قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [فصلت: ١١] {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤]، {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} [يس: ٣٠]، {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا} [الكهف: ٨٠]، {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: ٥٥]، وقوله في حق آدم: {فَوَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: ٢٩]، وفي- حقِّ موسى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (٣٩)} [طه: ٣٩]، وقولهُ في حقِّ عيسى: {قَوْلَ الْحَقِّ} [مريم: ٣٤]، {فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا} [الأنبياء: ٩١]، {رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} [النساء: ١٧١].

ويدخلُ في هذا القبيلِ من المتشابهِ، الحروفُ المقطعةُ في أوائل السورِ (٢).

فقد اختلفَ الناسُ في هذا، فقومٌ سلكوا فيهِ وبهِ مسلكَ المترددِ في بابِ الأحكامِ، مثلُ القروءِ والعفوِ واللمس، فصرفوهُ بدلائلَ من كتابِ الله ودلائلِ العقولِ، إلى أنَّها إضافات يصرفُها اَلدليلُ هي أحقُّ بالأفعالِ، فقالوا: لأنَّ الاستواءَ الى السماءِ بنفس الذاتِ هو الذهابُ نحوها، وهو في الحقيقةِ عينُ التحركِ إلى فوقِ السماَء صعوداً، والاستواءُ على العرشِ هو التمكُّن والاستقرارُ الذي يكونُ للجسمِ على الجسمِ، كاستواءِ نوحٍ على سفينته، والراكب على دابتِه، وبالنصَ النافي للتشبيهِ ينتفي ذلك عنهُ، وهو قولُه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]، وبدليلِ العقلِ الذي نفى كونَه جسماً، وهو الوحدانيةُ في الذاتِ والجسم المؤلف بدليلِ إدخالِ أهلِ اللغةِ عليه لفظة: أفعلْ، وهي أجسمْ، وليسَ ذلك إلا لتزايدِ التأليفِ بزيادةِ الجواهرِ.

وبالدليلِ الذي نفى عنه الخروجَ من حالي إلى حالٍ، وهو التغيرُ


(١) انظر الحاشية رقم (١) في الصفحة (١٦٩) من الجزء الأول.
(٢) انظر الحاشية رقم (٢) في الصفحة (١٦٩) من الجزء الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>