للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلٌ

في ذكرِ ما تَعَلَّقَ به المانعونَ من إثباتِ الأسماءِ بالقياسِ

إن جَمِيْعَ المُسَمياتِ قد وُضعَ لها أسماءُ أعيانها، وذواتها وأعراضِها، وأحكامِها، إمَّا بوَضعِ الشرع، كما قال سبحانه: {وعَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: ٣١]، أو بوضعِ أهلِ اللغةِ، وما أعقبوا شيئاً حتى أفرَدُوا للمفرداتِ أسامي، وللمُرَكباتِ أسامي، فقالوا في المفرادتِ: حلوٌ، وحامضٌ، وفرسٌ، وحمارٌ، وذئبٌ، وضَبُعٌ، وذكرٌ وأنثى، وأسودُ، وأبيضُ.

وقالوا للمركّباتِ بَيْنَ الحُمُوْضَةِ والحلاوة: مُرٌّ، وللمتولَدِ من بَيْنِ الحمارِ والفرسِ: بَغْلٌ، وللمتولدِ من بين الذئب والضَّبُعِ: سمعٌ.

وقالوا للمجتمع فيه صورةُ الأنوثةِ والذكورةِ: خنثى، وللمركبِ بين الأسودِ والأبيضِ من الكحلِ: أغْبَر.

ومَنْ قال: إنها موضوعةٌ بالطريقين للتعليمِ والوَضْعِ، فقد جَمَعَ بَيْنَ القولينِ، واذا استُوعبَت الأشياءُ بالأسماءِ وَضْعاً سمعياً، غَنِينَا عن القياس، إذ لم يبق شيءٌ يحتاجُ إلى اسمٍ، وما ذلك إلا بمثابةِ ما شَمِلَتْهُ أحكامُ الشرعِ السمعيَّة بنصوصِ الكتابِ والسنةِ، فإنه لا يبقى فيه للقياسِ مَسَاغ.

ومن ذلك قولُهم؛ إن الوَاضِعِيْنَ للأسماءِ، لم يضعوها على القياسِ، وذلك أنَهم خالفوا بَيْنَ المُتَشَاكِلَيْنَ في الصُّورةِ، فوضعُوا لهما اسمينِ مختلفينِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>