للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك من أنْ يَشْفَعَ الاسمَ السمعِيَّ الوضعي اسمٌ قياساً، لأنَ الشيءَ الواحدَ قد تَسَمَى باسمين، كما أنَّ الاسمَ المُشْتَرَكَ يقعُ على مُسَمَّييْنِ وأكثر، فإن الأسماءَ لا تتنافى، فإذا وضعوا للنبيذِ، وهو نقيعُ التَّمرِ والزبيبِ والذرةِ والشعيرِ، اسماً من النَّبْذِ، ووجدناهم سَمَّوا عصيرَ العِنَبِ المُشتدِّ اسمَ خَمْرٍ، لتغطيةِ العَقْلِ مضافاً إلى ما سَمَّوهُ به من العصيرِ لأجلِ العصرِ، حَسُنَ بنا أَن نُعْطِي النبيذ بالقياس على عصيرِ العنبِ المُشتدِّ اسمَ الخمرِ، لما فيهِ من تخميرهِ للعقلِ وتغطيتهِ لهُ، وفارقَ الأحكام، فإِنَّه لا يجوزُ أن يَثْبُتَ للعينِ الواحدةِ حُكمان مُتَضادَّانِ: حُكْمٌ هو التحريم، بكون الوعيد (١)، فيثبت له بالقياس إيجاب الحد، وهو حكم يُعْطي ما أعطاهُ الأولُ، من الصرْفِ عنهُ والمنعِ.

ولأن اللغةَ قد تأتي باسمين ضدّينِ ومتنافيين للذاتِ الواحدةِ، من طريقْ التوقيف، كقولِهم: لسيعٌ وسليمٌ، ومهلكةٌ ومفازةٌ، هذا في المجازِ والحقيقةِ، فأمَّا في الحقيقة ...... (٢).

ولا يأتي توقيفُ الشَرعِ في شيءٍ واحدٍ لحكمينِ مختلفينِ، فافترقا.

والثاني: قولُهم: وضعوا الأسماءَ وضعاً يخالفُ القياسَ، مثلُ تسميِتهم المُتَشَاكِلَيْن في الصورةِ باسمَيْنِ مخْتلفينِ، فغير مُسَلمٍ لهم الوَضْعُ، بدليلِ ما قَدَّمنا من استعارتِهم. للاسمِ بالخصيصةِ والمعنى، ونقلهِم الاسمَ من موضوعٍ إلى مثلهِ، وهذا وضع على القياسِ، وما ورَدَ مما ذكروه، غيرُ مانعٍ لنا من أَنْ نَسْلُكَ مسلَك القياس فيما وجَدْنا


(١) كذا العبارة في الأصل، ولم يتضح معناها.
(٢) في الأصل طمسٌ بمقدار سطر، وأشار له الناسخ بقوله: كذا في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>