للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل بزيدٍ، لكنا مُلحِقيْنَ لهُ به في الاسمِ لا لمعنى ولا لخصيصةٍ، وليس هذا طريقَ القياس، إذ كان حيٌّ (١) مثله قد سُمِّي بعمرو، فليس بأنْ نُسميه عمراً أو بكراً، بأولى من تسميتنا له بزيدٍ، بخلافِ ما نحنُ فيه مِن النبيذِ المُشتدِّ، لأننا إذا ألحقناهُ بالعصيرِ المُشتدِّ، كان لمعنى هو أخصّ بهِ مِن غيرهِ، فلذلك لم يُسَمَ بهِ الخَلُّ والمُريُّ (٢) إذ لا شِدةَ فيها، فَوِزَانُه من مسألتنا، أن يكونوا وضَعُوا زيداً لزيادةٍ في جسمِه أو عِلْمِهِ، فكان يَلزمُنا أن نُسَمِّي كلُّ من شاركهُ في تلك الخَصِيْصةِ بزيدٍ، وصارت أسماءُ الألقاب لما لم يَظْهرْ فيه معانٍ مِن أوضاعِ الشَّرع، التي لا يظهرُ فيها تعليل بل نتِبعُ بمجردِ التوقيفِ، لا يمنعُنا منعُ القياسِ عليها من القياسِ على ماظهَرَ لها المعاني.

الرابعُ: تَعلقُهم بأَنَّهم لم يُسمُّوا كلَّ حامضٍ حدَثَ من الكرمِ خلاً، كماءِ الحِصْرمِ، ونقيعِ الزبيبِ، فهو من نَمَطِ الثاني. وقد مضى جوابهُ، وإِنَّما غَيروُا العبارةَ، فذاك ذكروهُ لمخالفةِ الاسمينِ بَيْنَ المتَشَاكِلَيْنِ، وهذا تحته، وفي ضمنِه، لأنَهم ذكروا حامضيْن اتَّفقا في الحُموضةِ فسمَّوا أحدَهما خلا، وسموا الآخرَ بغيرِ الخلِّ.

الخامسُ: ممّا تعلقوا به أخلُّوا فيهِ بقسمٍ؛ لأنّهم قالوا: إمَّا أنَّ يكونَ وضعوه للمسمَّى الذي وضعوه له بعينهِ، فليس لنا أن نتعدَّاهُ، أو


(١) في الأصل: "حبر".
(٢) اُلمرّي: إدام يؤتدم به، يُتخذ من الخمر التي طرح فيها السمك والملح وتوضع في الشمس، فتتغير عن طعم الخمر، وتصير حلالاً، وكان أبو الدرداء رضي الله عنه وجماعة يقولون بحله. انظر "فتح الباري" ٩/ ٦١٧ - ٦١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>