للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذَهَبَ قوم إلى أنَّ فيها ما نُقِلَ عن اللُّغَةِ إلى وضْعٍ شَرْعي، وهم المعتزلةُ والخوارجُ وجمهورُ أصحابِ الشافِعي (١).

ويُخرَّجُ مِن كلام صاحبنا وأصحابِه مثلهُ، مثلُ قَوْلِهم في الصلاةِ: إنّها إيمان بقولِه سبحاَنه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: ١٤٣] يعني: صلاتكم إلى بيتِ المَقْدِس، وجعلُوها إيماناً يحصلُ الإِسلامُ من الكافرِ بفعلِها، ويَخْرُجُ المُسلِمُ من الإِيْمَانِ بتركِها، وجعلوا الأعمالَ كُلها مِن جملةِ الإيمانِ، وجعلُوا أفعالَ الحَجِّ وجملتَه مع إحرامِه حَجَّاً، مع عِلْمِنا بأن أصلَ الإِيمانِ في اللغةِ هو نفسُ التصديق، والحجُّ هو القصدُ، والصلاةُ مجردُ الدعاءِ، وهذا من صاحِبنا وأصحابهِ يُعطي جواز نقلِ الأسماءِ والقول به (٢)، وعليه حَمَلُوا قولَه سبحانه: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧].


(١) هذا ما قرره جمهورُ الشافعية، حيث صرّحوا بأن الأسماء الشرعية منقولةٌ من اللغةِ إلى معانٍ وأحكام شرعية.
انظر "التبصرة" ص (١٩٥)، و "البرهان" ١١/ ١٧٧ و"المستصفى" ١/ ٣٢٦.
(٢) وخالفَ في ذلكَ القاضي أبو يعلى، حيث بيّن أن الأسامي الشرعية، واُن ثبتَ وجودُها، فهي غيرُ منقولةٍ عن الوضع اللغوي، بل المعاني اللغويةُ باقيةٌ وزيدَت شروطٌ، عليها، وقال: "فهو في الشَريعةِ كما كان في اللغة، وضُمَّت إليه شروطٌ شرعيةٌ، ولا نقولُ بأنها منقولةٌ من اللغة إلى معاني أحكام الشريعة" "العدة" ١/ ١٩٠ وذهب أبو الخطاب. وابنُ قدامة، والطوفي، وغيرهم إلى أن الأسماءَ الشرعيةَ منقولة من معانيها اللغوية، إلى معانٍ جديدةٍ، وهذا ما اختاره ابن عقيل كما هو ظاهر.
انظر "التمهيد" ١/ ٨٨ - ٨٩، و"نزهة الخاطر العاطر شرح روضة الناظر" ٢/ ١٠ - ١١، و"شرح مختصر الروضة" ١/ ٤٩٠ - ٤٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>