للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآحادُ، فشغلت الذِّمَمَ، وأزالت ما كان ثبتَ من فراغِها وخلوَّها بدلائل العقولَ.

وأما حملُهم لها على أنَّها شواهد ودلائل على التصديقِ، ودعواهم أن الإجماعَ منا ومنهم حاصل على أن الإيمان وراء ذلك، هو أمرٌ في القلب، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سألَه جبريلُ عليه السلام عن الإسلامِ فسرة بالشهادتين، وعَجبَتِ الصحابةُ مِن سؤالهِ وتصديقهِ، فقال: "ذاك جبريلُ أتاكم يُعَلِّمكُم أمرَ دينكُم" (١)، وما خَرَجَ مَخْرَجَ البيانِ لا يكونُ على سبيلِ التوسعِ والمجازِ والاستعارةِ، وصَدقَ ذلك القرآنُ، حيثُ فسرَ الإيمانَ بقولِه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} [المؤمنون: ١ - ٢]، وسَاق أفعالَهم مِن الطاعَاتِ، وتَجنبهم للمعاصي الموبقاتِ، وقال: "الحَج عَرَفَة" (٢)، وأرادَ به الوقوفَ، وليس الوقوفُ هو القصد، وقالَ:" الحَجُّ العَجُّ والثَّج" (٣) ففسره بالفعلِ والقولِ، وقال:


(١) قطعةٌ من حديثٍ طويلٍ لعمرَ بنِ الخطاب رضي الله عنه، أخرجه مسلم (٨)، وأبو داو (٤٦٩٥)، والترمذي (٢٦١٠) والنسائي ٨/ ٩٧، وابن ماجه (٦٣)، والطيالسي ص ٢٤، وابن حبان (١٦٨) و (١٧٣)، والبغوي في "شرح السنة" (٢).
(٢) ورد هذا من حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الحج عرفات، فمن أردك عرفة ليلة جَمعٍ قبل أن يطلع الفجر، فقد أدرك، .... ".
أخرجه، أحمد ٤/ ٣٠٩ - ٣١٠، وأبو داو (١٩٤٩)، والترمذي (٨٨٩) و (٨٩٠)، والنسائي ٥/ ٢٦٤ - ٢٦٥، وابن ماجه (٣٠١٥)، وابن خزيمة (٢٨٢٢)، وابن حبان (٣٨٩٢)، والبغوي (٢٠٠١)، والبيهقي ٥/ ١١٦.
(٣) أخرجه من حديث أيي بكر الصديق رضي الله عنه، الترمذي (٨٢٧)، ومن =

<<  <  ج: ص:  >  >>