للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٧٦ - وعن أبي هريرةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: ((قال رجل: لأتَصدَّقنَّ بصدقَةٍ، فخرجَ بصدقتهِ فوضعَها في يدِ سارقٍ، فأصبحوا يَتحدَّثون: تُصُدِّقَ الليلةَ علي سارقٍ، فقال: اللهمَّ لك الحمدُ، علي سارقٍ؟! لأتصَدَّقنَّ بصدقةٍ، فخرجَ بصدقتهِ فوضعَها في يدِ زإنيةٍ، فأصبحوا يَتحدَّثون: تُصُدِّقَ الليلةَ علي زإنيةٍ. فقال: اللهمَّ لكَ الحمدُ، علي زإنيةٍ؟! لأتَصدَّقنَّ بصدقةٍ، فخرجَ بصدقةٍ فوضعهًا في يدِ غَنيٍّ، فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّقَ الليلةَ علي غنيٍّ. قال: اللهمَّ لكَ الحمدُ، علي سارقٍ وزإنيةٍ وغنيٍّ؟ فأتيَ، فقيلَ له: أمَّا صَدَقتُكَ علي سارقٍ فلعلَّه أن يستعِفَّ عن سرقتهِ، وأمَّا الزإنيةُ فلعلَّها أن تَستَعِفَّ عن زِناها، وأما الغَنيُّ فلعلَّهُ يعتبرُ فينفق مِمَّا أعطاهُ اللهُ)) متفق عليه، ولفظه للبخاري.

ــ

ألا إن خير الناس حيا وهالكا أسير ثقيف عندهم في السلاسل

في أن العناية هي سبب التقديم. وقد صدقت، حتى جعل لها ماهو أحق بأن يكون خبرًا اسمًا. وعلم من هذا أن في رواية البخاري الحاضرات من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعضهن؛ لأن سودة توفيت قبل عائشة، وبعد غيرها رضي الله عنهن في سنة أربع وخمسين من الهجرة، وعائشة في سنة سبع أو ثمان وخمسين من الهجرة. وإن ما رواه مسلم كانت الحاضرات كلهن؛ لأن زينب بنت جحش توفيت قبل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في سنة عشرين، وقيل: إحدى وعشرين.

قوله: ((لأنها كانت تعمل)) تعليل كالبيان لقوله: ((يتطاولون) لأنه يحتمل أن يكون التطاول هنا حسيًا بأن تقول كل واحدة منهن: أنا أطول منك يدًا، أو معنويًا بأن تقول كل واحدة أنا أكثر منك عطاء. فبين بالتعليل أنه كان معنويًا.

الحديث الثانى عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((تصدق الليلة علي سارق)) إخبار في معنى التعجب، أو الإنكار. وقوله: ((اللهم لك الحمد علي سارق)) أي علي تصدقى علي سارق، إما وارد شكرًا أو تعجبًا، أما الأول: فأن يجري الحمد علي الشكر. وذلك أنه لما جزم علي أن يتصدق علي مستحق ليس بعده بدلالة التنكير في ((صدقة))، وأبرز كلامه في معرض القسمية تأكيدًا وقطعًا للقول به، فلما جوزى بوضعه علي يد سارق حمد الله، بأنه لم يقدر أن يتصدق علي من هو أسوأ حالا من السارق. وأما الثانى فأن يجرى الحمد علي غير الشكر، وأن يعظم الله تعالي عند رؤية العجب، كما يقال: سبحان الله عند مشاهدة ما يتعجب منه، وللتعظيم قرن به لفظة ((للهم))، فكما تعجبوا من فعله، قالوا: ((تصدق الليلة علي سارق)).

<<  <  ج: ص:  >  >>