للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة)) رواه مسلم.

ــ

الحديث الثانى عشر عن أبي أمامة: قوله: ((اقرءوا الزهراوين)) الزهراء تإنيث الأزهر، وهو المضئ، ويقال للنيرين: الأزهران، مثل حراسة السورة إياه، وخلاصة بركتهما عن حر الموقف، وكرب يوم القيامة بإظلال أحد هذه الأشياء الثلاثة. والغمامة السحابة. والغيابة كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه مثل السحابة وغيرها، ويقال: غيأي القوم فوق رأس فلان بالسيف، كأنهم أظلوه، كذا في الغريبين. والفرقان القطعتان، والفرق، والفريق، والفرقة القطعة. والصواف الباسطات أجنحتها متصلاً بعضها ببعض جمع صافة.

((حس)): (أو)) في الحديث للتنويع لا لشك الراوي، لاتساق الروايات كلها علي هذا الوجه. قالوا: الأول لمن يقرأهما، ولا يفهم معناهما. والثانى لمن وفق للجمع بين تلاوة اللفظ ورواية المعني. والثالث لمن ضم إليهما تعليم المستعدين، وبيان حقائقها لهم، لا جرم تتمثل له يوم القيامة مساعيه طيوراً صواف، يحرسونه ويحاجون عنه- انتهي كلامه.

وإذا تحقق التفاوت في المشبهات يلزم التفاوت في المشبه بها، فالتظليل بالغمامة دون التظليل بالغيابة. فإن الأول عام في كل أحد، والثاني مختص بمثل الملوك، والثالث مختص بمن دعا بقوله: {رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي}. ثم في هذا التشبيه من الغرابة أن شبههما أولاً بالنيرين في الإشراق وسطوع النور، وثإنياً بالغمامة والغياية، وبما ينبئ عما يخالف النور من الظل السواد كما في الحديث الذي يلي هذا الحديث ((أو ظلتان سوداوان)) فآذن بهما أن تينك المظلتين علي غير ما عليه المظلة المتعارفة في الدنيا، فإنها وإن كانت لدفع كرب الحر عن صاحبها ولتكرمته، ولكن لم تخل عن نوع كدورة وشائبة نصب وتلك- رزقنا الله منها- مبرأة عن ذلك، لكونهما كالنيرين في النور والإشراق، مسلوبتي الحرارة والكرب. وآذن بالتشبيه الثالث: أنهما مع كونهما مشرقتين مشبهتين بمظلة نبي الله، ثم بولغ فيه فزيد ((تحاجان)) لينبه به علي أن ذينك الفرقين من الطير علي غير ما عليه طير نبي الله، من كونهما حاميتين صاحبهما عما بسوؤه، شبههما أولاً بالنيرين لينبه علي أن مكانهما مما عداهما مكان القمرين بين سائر النجوم فيما ينشعب منهما لذوي الأبصار. ثم أوقع قوله: ((البقرة وآل عمران)) بدلاً منهما مبالغة في الكشف والبيان، كما تقول: هل أدلك علي الأكرم الأفضل فلان، وهو أبلغ في وصفه بالكرم والفضل من قولك: هل أدلك علي فلان الأكرم

<<  <  ج: ص:  >  >>