للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢١٣٠ - وعن أنس، قال: إن رجلاً قال: يا رسول الله! إني أحب هذه السورة: (قل هو الله أحد) قال: ((إن حبك إياها أدخلك الجنة)) رواه الترمذي، وروي البخاري معناه.

٢١٣١ - وعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط (قل أعوذ برب الفلق)، و (قل أعوذ برب الناس))) رواه مسلم.

ــ

الحديث الحادي والعشرون عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((إن حبك إياها أدخلك الجنة)) فإن قلت: ما التوفيق بين هذا الجواب وبين الجواب في الحديث السابق: أخبروه أن الله تعالي يحبه؟ قلت: هذا الجواب ثمرة ذلك الجواب، لأن الله تعالي إذا أحبه أدخله الجنة، وهذا من وجيز الكلام وبليغه، فإن اقتصر في الأول علي السبب عن المسبب، وفي الثانى عكس.

الحديث الثانى والعشرون عن عقبة بن عامر: قوله: ((ألم تر)) هي كلمة تعجب وتعجيب. ولذلك بين معني التعجب بقوله: ((لم ير مثلهن)). ((مظ)): يعني لم تكن آيات سورة كلهن تعويذاً للقارئ من شر الأشرار غير هاتين السورتين. وأقول: ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عين الجان، وعين الإنسان. فلما نزلت المعوذتان، أخذ بهما وترك ما سواهما، ولما سحر استشفي بهما. وإنما كان كذلك، لأنهما من الجوامع في هذا الباب. فتأمل في أولهما، كيف خص وصف المستعاذ به بـ ((رب الفلق)) أي بفالق الإصباح، لأن هذا الوقت وقت فيضان الأنوار، ونزول الخيرات والبركات، وخص المستعاذ منه بـ ((ما خلق) فابتدأ بالعام من قوله: {من شر ما خلق} أي من شر خلقه، وشر ما يفعله المكلفون من المعاصى، ومضارة بعضهم بعضاً من ظلم وبغي، وقتل وضرب، وشتم وغيره، وما يفعله غير المكلفين من الحيوان، كالسباع والحشرات، من الأكل والنهش، واللدغ، والعض، وما وضعه الله في غير الحيوان من انواع الضرر كالإحراق في النار، والقتل في السم، ثم ثنى بالعطف عليه ما هو شره أخفي من الزمان، ما هو نقيض انفلاق الصبح من دخول الظلام واعتكاره المعني بقوله: {ومن شر غاسق إذا وقب}، لأن انبثاث الشر فيه أكثر، والتحرز منه أصعب ومنه قولهم: الليل أخفي للويل. وخص ما يكن في الزمان بما غائلته خفية من النفاثات والحاسد. الكشاف: وقد خص شر هؤلاء من كل شر، لخفاء أمره، وأنه يلحق الإنسان من حيث لا يعلم كأنما يغتال به، وقيد الحاسد بـ {إذا حسد}، لأن الحاسد إذا أطهر حسده، وعمل بمقتضاه من بغي الغوائل للمحسود كان شره أتم، وضره أكمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>