للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢١٣٥ - وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي ليس في جوفه شيء من القراَن كالبيت الخراب)). رواه الترمذى، والدرامى. وقال الترمذى: هذا حديث صحيح.

ــ

((خط)): قد جاء في الأثر أن عدد أي القراَن علي قدر عدد درج الجنه، فيقال للقارئ: ارق في الدرج علي قدر ما كنت تقرأ من أي القراَن، فمن استوفي قراءة جميع أي القراَن استولي علي أقصى درج الجنة، ومن قرأ جزءاً منها كان رقيه في الدرج علي قدر ذلك، فيكون منتهي الثواب عند منتهي القراءة.

أقول: لعل الشيخ التوربشتى عنى برده القول الأول ضعف هذا القول، وظاهر كلام القاضي اختياره، والذي يذهب إليه أن سياق هذا الحديث تحريض لصاحب القرآن علي التحرى في القراءة، والإمعان في النظر قبه، والملازمة له، والعمل بمقتضاه، وكل هذه الفوائد يعطيها معنى الصاحب استعارة؛ لآن أصل المصاحبة بالبدن، وقد علم أن الصاحب من يرافقك بالبدن ويوافقك بما يهمك، ويعاونك فيما ينفعك، ويدافع عنك ما يضرك، فإذن هو جامع لمعنى القراءة، والتدبر والعمل، ققوله: ((اقرأ وارق)) أمر له في الآخرة بالقراءة التي توصله إلي مصاعد ودرجات٠

ثم قوله: ((فإن منزلتك)) تعليل للأمر المرتب عليه الترقى، يعنى قراءتك هذه ياصاحب القرآن ترقيك إلي منزلة قمنزلة علي قدر قراءتك، فإذا. قطعتها انقطعت، وإذا وصلتها اتصلت، وزادت إلي ما لا نهاية له. ولأن الشبهة. في قوله: ((ورتل كما كنت ترتل في الدنيا)) تستدعى تشبيه الاتصال بالاتصال، وكما أن قراءته في حالة الاختتام استدعت الافتتاح الذي لا انقطاع له علي ما ورد في حديث ((الحال المرتحل))، كذلك لا إنقطاع لهذه القراءة، ولا للرقى، ولا للمنازل، فهو كما قال تعالي: {إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب}. وهذه القراءة لهم كالتسبيح للملائكة لا تشغلهم عن سائر مستلذاتهم، بل هو المستلذ الاعظم ودونه كل مستلذ٠ ترتيل القرآن قراءته علي ترتيل وتؤدة، بتبيين الحروف وإشباع الحركات حتى يجىء المتلو منه شبيهاً بالثغر المرتل، وهو المفلج المشبه بنور الاقحوان.

الحديث الثالث عن ابن عباس رضي ايه عنهما: قوله: ((ليس في جوفه شىء من القرآن)). المراد بالجوف هنا القلب، إطلاقا لاسم المحل علي الحال، قال الله تعالي: {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه}، وفائدة ذكر تصحيح التشبيه بالبيت مثل جوف الإنسان الخالي مما لابد له منه، من التصديق والاعتقاد الحق والتفكر في آلاء الله، ومحبة الله وصفاته، بالبيت الخالي عما يعمره من الآثاث، والتجمع، وما قوامه به.

<<  <  ج: ص:  >  >>