للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك. قال: ومم يستجيرونني؟ قالوا: من نارك يارب. قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا. قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك)). قال: ((فيقول: قد غفرت لهم، فأعطيتهم ما سألوا، وأجرتهم مما استجاروا)) قال: ((فيقولون: رب فيهم فلان عبد خطاء، إنما مر فجلس معهم)) قال: ((فيقول: وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم)).

٢٢٦٨ - وعن حنظله بن الربيع الأسيدي، قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة. قال: سبحان الله ما تقول؟ قلتُ: نكونُ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا

ــ

البخاري: ((لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصًا)) وبين ذكر الجواب في رواية مسلم؟ قلت: ((كيف)) في رواية البخاري لمجرد السؤال عن الحال، وفي رواية مسلم للتعجيب والتعجب مثلا قوله: ((إنما مر)) فإن قلت: ((إنما مر)) مشكل، لأن ((إنما)) توجب حصر ما بعده في آخر الكلام، كما تقول: إنما يجيء زيد أو إنما زيد يجيء، ولم يصرح هنا، غير كلمة واحدة، وكذلك قوله ((وله غفرت)) يقتضي تقديم الظرف علي عامله اختصاص الغفران بالمار دون غيره، وليس كذلك. قلت: في التركيب الأول تقديم وتأخير، أي إنما فلان مر، أي ما فعل فلان إلا المرور والجلوس عقيبه، يعني ما ذكر الله تعالي.

فإن قلت: لِمَ لَمْ يجعل الضمير في ((مر)) بارزًا ليكون الحصر فيه؟ قلت: لو أريد هذا، لوجب الإبراز، ولئن سلم لأدى إلي خلاف المقصود، وأن المرور منحصر في ((فلان))، ولا يتعدى إلي غيره، وهو خلف. وفي التركيب الثاني الواو للعطف، وهو يقتضي معطوفًا عليه، أي قد غفرت لهم وله. ثم أتبع ((غفرت)) تأكيدًا وتقريرًا، نحوه قوله تعالي: ((لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب)) ((الكشاف)): أحد المفعولين ((الذين يفرحون)) والثاني ((بمفازة)) وقوله: ((فلا تحسبنهم)) تأكيد، أي لا تحسبنهم فائزين.

الحديث الثامن عن حنظلة: قول: ((كيف أنت يا حنظلة)) ((كيف)) سؤال عن الحال، أي أمستقيم علي الطريق أم لا؟ فأجاب: نافق حنظلة. وفيه تجريد؛ لأن أصل الكلام: نافقت، فجرد من نفسه شخصا آخر مثله، فهو يخبر عنه لما رأي من نفسه ما لا يرضي لمخالفة السر العلن، والحضور الغيبة. قوله: ((سبحان الله!)) كلمة تعجب، و ((ما)) استفهامية، فقوله: ((ما تقول؟)) هو المتعجب منه. قوله: ((رأي عين)) ((فا)): منصوب بإضمار ((نرى)) ومثله ((حمد الله)). قوله: ((عافسنا)) ((فا)): المعافسة: المعالجة، والممارسة، والضيعة: الصناعة والحرفة.

ويقال للرجل: ما ضيعتك؟ ((نه)): ضيعة الرجل ما يكون معاشه به كالتجارة، والزراعة وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>